حفيد عبد القادر الجزائري يتحدث للوثائقية عن مقاضاته فرنسا

حوار: محمد علال

بدأت القصة عندما ذهب جعفر الحسني إلى مراجعة سجلات الدولة الجزائرية لاستخراج شهادة ميلاد جده الأمير عبد القادر الذي وُلد قرب مدينة معسكر بالغرب الجزائري في 6 سبتمبر/أيلول عام 1808، حينها صُدم جعفر لعدم وجود أي أثر مادي في الجزائر يُثبت ميلاد الأمير وعائلته، وبعد البحث والمتابعة اتضح أن الاحتلال قام بمحو كل ما يتعلق بالأرشيف، ليقرر الحفيد خوض معركة قانونية لاستخراج شهادة ميلاد الأمير عبد القادر التي لم ترَ النور إلا شهر مايو/أيار من عام 2019 الحالي.

حكاية جعفر تكشف أن المعركة ضد فرنسا الاستعمارية لم تضع أوزارها بعد، وذلك كما يعتقد الحفيد ويؤيده في الطرح العديد من المؤرخين والباحثين، ومنهم أصوات لمسؤولين كبار في الدولة الجزائرية. حيث تخوض الجزائر منذ استقلالها عام 1962 معركة أخرى ضد المستعمر القديم “فرنسا”، تجعلها تضع فوق طاولة النقاش عند حدوث كل زيارة يقوم بها رئيس فرنسي إلى الجزائر في إطار العلاقات المتبادلة؛ ملفات وأسئلة عن مصير أوراق عمرها أكثر من قرن من الزمن لا تزال مكدسة بالكليومترات في متاحف باريس ومراكزها البحثية وخزائن وزارة الدفاع الفرنسية.

خزائن ذهبية وفضية ومدافع وأسلحة وحتى جماجم لجزائريين قتلتهم فرنسا بدم بارد خلال حربها الاستعمارية منذ زمن غابر، من شأنها جميعها إماطة اللثام عن تفاصيل قصص علقت بين أمواج ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وذلك لما تحمله من شهادات وقصص العذاب التي عاشها الشعب الجزائري، ومنهم الأمير عبد القادر وعائلته في رحلته إلى المنفى، وتكشف المزيد من تفاصيل الرحلة الأولى لجنود المستعمر الفرنسي عندما رست قواربهم في ميناء “سيدي فرج” بمدينة سطاولي بالجزائر العاصمة، لتعلن بداية مرحلة صعبة جدا عاشتها الجزائر طيلة 132 عاما.

يقرر الحفيد المباشر للأمير عبد القادر فتح الملفات الشائكة عبر رفع قضية ضد فرنسا من أجل استرجاع الأرشيف وتعويض الجزائر عن الأضرار، ويقول في هذا الحوار مع “الجزيرة الوثائقية” وفي حلقه غصّة: “من أعطى الحق لفرنسا لتحتفظ بأرشيف الجزائر كل هذا الوقت؟ تتاجر به كما تشاء وتجمع منه الأموال، وتخرب منه ما تشاء لطمس الحقائق وإخفاء آثار جرائمها”.

جعفر الحسيني الحفيد المباشر للأمير عبد القادر الجزائري في مكتبه بالعاصمة الجزائر

 

  • بصفتك أحد الأحفاد المباشرين للأمير عبد القادر، ورئيس “مؤسسة الأمير عبد القادر الوطنية”، قررتَ أن تخوض معركة جديدة ضد فرنسا الاستعمارية لاسترجاع الأرشيف، لماذا هذه المعركة الآن، أي بعد مرور 50 عاما على استقلال الجزائر؟

نعم، عقدتُ العزم على خوض هذه المعركة القانونية الوطنية ليس لاسترجاع الأرشيف الوطني الجزائريّ فحسب، بل لتغريم دولة الاحتلال بالتعويض المادي المنصوص عليه في القوانين الدولية، وتشجيع المجتمع المدني على كسر حاجز الخوف الوهمي الذي يقف أمام فكرة تحريك الدعاوى القضائية ضد فرنسا الاستعمارية لاسترداد حقوقنا المنهوبة.

هو حق مشروع تقوم به كل المجتمعات القوية، لكن الأنظمة العربية تخشى القيام بذلك، وهي تغرد خارج السرب وتبرر ذلك في غرفها المغلقة، وتقدم أعذارا واهية تتمحور حول أن هذا الأمر شأن يخصّ السلطة فقط وليس شأنا عاما من حق المجتمع المدني والأفراد.

إن مسألة استرجاع الأرشيف هو حق الشعوب، والقوانين والأنظمة المتعارف عليها داخليا وخارجيا تؤكد على ذلك، وعلى السلطة معرفة حدود واجباتها تجاه شعوبها التي تقوم بتسليمها الأمانة لتقوم على خدمة مطالب مواطينها.

طموحي هو كسب الدعوى، وسيكون التعويض مخصصا لبناء المشافي في كل ولايات الجزائر، ودعم القطاع الخيري والثقافي تحت رقابة حكومية، ومن ثم يأتي استرداد الأرشيف استردادا تلقائيا بعد كسب قضية التعويض المادي.

لأكثر من مئة عام لا يزال هناك نوع من الاستكبار العالمي الغربي في هذا الإطار، ويكمن تحقيق الانتصار التاريخي من خلال الضغط بشكل حقيقي لتحصيل حقوقنا من الأرشيف الذي هو حق، فمن غير المعقول أن تقوم بعض الدول العربية بشراء أرشيفها الآن من فرنسا وأي دولة أخرى، ومن غير المعقول أن يكون هناك اعتقال للتاريخ من طرف المستمعر القديم، فالمكان الطبيعي للأرشيف والمقتنيات التاريخية في بلدها الأصلي وليس خلف جدران بعيدة آلاف الكيلومترات عن البلد الذي نشأت فيه.

صورة الأمير عبد القادر الجزائري على إحدى جدران المباني في الجزائر
صورة الأمير عبد القادر الجزائري على إحدى جدران المباني في الجزائر

 

  • لماذا تماطل فرنسا في تسليم أرشيف الجزائر المسروق منذ الحقبة الاستعمارية التي استمرت منذ عام 1830 وحتى عام 1962؟

دمرت فرنسا الأرشيف في الجزائر كخطوة وتجربة أولى، وقد وجدت في تلك الخطوة نجاحا، وفيما بعد حين احتلت الشرق الأوسط أيام الحرب العالمية الأولى مع الدولة العثمانية، ولقيت هذه الخطوة بمنظورهم نجاحا عامّا بعد دراسات مستفيضة في علوم الاجتماع للمجتمعين العربي والإسلامي، وذلك بسلخ الأثر المادي والمعنوي بين قادة الأمة في القرن التاسع عشر والشعوب.

هؤلاء القادة هم الذين وقفوا آنذاك ضد مخططاتهم التي واجهوها بكل إخلاص وضمير، لكن الهزيمة كانت قدرهم أمام تلك القوى الغربية المحتلة، وبمحو الأرشيف المادي والمعنوي ضمنت إيجاد فراغ في هرم السلطة التي اعتادتها الأمة منذ مجيء الإسلام إلى حينه، وبهذا العمل جعلت من عملية تسليم السلطة لأعوان الاستعمار بداية القرن العشرين مهمة سهلة.

نحصد اليوم كوارث منجزاتهم على كل الأصعدة، وهذا ما تم العمل به في مشروع سايكس بيكو اللاحق بعد إتمامه على مراحل لأغراض استعمارية، وكانت البداية في الجزائر، وهي أول ضربة تلقاها العالم الإسلامي بداية القرن التاسع عشر، وبعد فوز فرنسا الحرب طوال 17 عاما من المقاومة الجزائرية أحكمت سيطرتها واحتلت كامل التراب الجزائري عام 1847، وقد قامت بمصادرة الأرشيف إبان احتلالها العاصمة الأولى لمدينة معسكر آنذاك، وأخفته إما بإتلافه كما زعمت وإمّا نقلته إلى فرنسا وغيبته زُهاء ربع قرن، ثم صنعت سجلات مدنية للمواطنين لأول مرة بعد الاحتلال عام 1875م على وفق أهوائها، وكانت قد تمكنت من ترك البلاد قرابة الـ25 عاما دون سجل شرعي أو مدني بشكل متعمد، وذلك بغية محو هُوية جيل كامل من الأجداد، وأنشأت ألقابا للكثير من العوائل تناسب مرحلتها، وهذه الألقاب ما زالت مقيدة في السجلات المدنية الجزائرية حتى اليوم.

والدليل على أن هذا المخطط شامل للأمة أكثر منه لبلد، كنت قد سألت صديقي حفيد السلطان عبد الحميد الثاني وهو أيضاً ترعرع في المنفى الدمشقي، فأكد لي أيضا أنهم لا يملكون أية سجلات لجدهم، وقد تحصلوا على الجنسية التركية في سبعينيات القرن الماضي، أي بعد مكوثهم مدة قانونية في تركيا، علما بأنهم أسرة حكمت لقرابة خمسة قرون ومُحيت جنسيتهم الأصلية.

كذلك تواصلت مع أحد أحفاد ملوك العراق من الأسرة الهاشمية أيضا، فقد تم إخفاء أرشيف سجلاتهم التي تعزز هويتهم، وتم حذف سجلات أجدادهم في العراق، وبعضهم حتى لا يستطيع الحصول على الجنسية العراقية، وكذلك الشريف حسين أمير مكة لمعارضته مشروع الإنجليز نُفي من الحجاز وحُذفت سجلاتهم المدنية، وكثير من هذه الوقائع غائبة عن مسامع الناس، والأمثلة كثيرة في جعبتي.

 

  • في عام 2010 تم توقيع اتفاقية بين الجزائر وفرنسا بشأن إعادة الأرشيف، إضافة إلى مئات الآلاف من الوثائق التي نقلتها القوات الاستعمارية إلى فرنسا، ومنها ما يعود إلى الحقبة العثمانية (1518 و1830)، لكن لغاية الآن لم تُسلّم فرنسا الجزائر سوى 2% من الأرشيف، فهل الجزائر قامت فعلا بالإجراءات اللازمة؟

اتفاقية إعادة الأرشيف أخفقت وباءت بالفشل، وذلك لغطرسة فرنسا وعدم جديّة دولة الجزائر وصرامتها، إضافة إلى التعامل النديّ مع فرنسا بهذا الشأن، كما أن أغلب مسؤولي الجزائر بعد وفاة الزعيم الراحل الهواري بومدين أصبحوا يتعاملون بمنطق المصالح الاقتصادية، وعندما يفتحون ملفات التاريخ والأرشيف فهم لا يبذلون الكثير من الجهد، وذلك خوفا من ردة فعل فرنسا، رغم أن هناك زواية قانونية تؤكد حق الجزائر في استرجاع الأرشيف.

  • ما الذي يجعلك واثقا من ربح هذه القضية المعقدة التي تقف فيها أمام دولة كبيرة بحجم فرنسا، وما هي الآلية القانونية التي ستعتمد عليها لتحقيق ذلك؟

ما يجعلني واثقا من ربح هذه القضية الوطنية هو صدور قرارات وتطبيق قوانين جديدة في أوروبا، وذلك بعد رفع منظمات مدنية دعاوى قضائية بمطالب مماثلة، وقد تم جراء ذلك حجز أموال موجودة في فرنسا تعود لأملاك بشرية من الخارج في قضايا عدة، وهي قرائن لدعوانا المشروعة نستند إليها بشكل مباشر، إضافة إلى أن إقرار رئيس فرنسا الحالي إيمانويل ماكرون في بعض التصريحات له، خاصة خطابه في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 الذي ألقاه في جامعة واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو، والذي أشار فيه إلى أن الإرث الأفريقي لا يجوز أن تستحوذ عليه المتاحف الأوروبية بعد الآن، ويتعين اتخاذ التدابير من أجل إعادته إلى أفريقيا.

وطلب تقرير بتكليف منه إعادة آلاف الأعمال الفنية الأفريقية في المتاحف الفرنسية التي تم الحصول عليها دون موافقة أصحابها خلال الفترة الاستعمارية إلى القارة، وقال ماكرون “لا يمكنني أن أقبل أن جزءا كبيرا من التراث الثقافي للعديد من البلدان الأفريقية موجود في فرنسا، فهناك تفسيرات تاريخية لهذا، لكن لا يوجد مبرر صحيح ودائم وغير مشروط”، ولا يمكن أن يكون التراث الأفريقي في مجموعات خاصة في متاحف أوروبا وباريس فقط، فيجب عرضه في داكار ولاغوس وكوتونو، وراح يتجنب ذكر حق الجزائر في ذلك لعقدة ما في قلبه منها، وربما يحترم استقلالية تلك الدول الأفريقية أكثر من الجزائر.

وعلى المواطن الجزائري تحليل ذلك وتتبع ذلك الأمر، وقد أصدر كل من فيلوين سار وبينيدكت سافوي (كلاهما محاضر في جامعة جاستون بيرغر في ساينت لويس السينغال وجامعة برلين التقنية بألمانيا)؛ تقريرا يوضحان فيه العملية القانونية المقترحة لإعادة الأعمال والكنوز الفنية الأفريقية، رافضين فكرة أن هذه المقتنيات تنتمي للتراث الفرنسي.

منزل الأمير عبد القادر الجزائري في دمشق
منزل الأمير عبد القادر الجزائري في دمشق

 

  • ما هي طبيعة الأرشيف الذي تسعى لاسترجاعه، وهل يتعلق الأمر بشكل مباشر بالأمير عبد القادر فقط، أم يتجاوز ذلك؟

طبيعة الأرشيف المنهوب يتضمن ما يتعلق بالدولة الجزائرية الحديثة منذ تأسيسها، منه صكوك العروش الشرعية، ومكتبات ووثائق تاريخية تخص المواطنين الذين هُجّروا إلى المشرق بعد رفضهم العيش تحت ظلّ الاحتلال الفرنسي آنذاك، وذلك للالتزام بفتاوى شرعية متعددة تُحرّم العيش تحت سلطة حكم الفرنسيين، فتم معاقبتهم بمحو سجلاتهم وممتلاكاتهم.

  • لقد وضعت فرنسا في المزاد العلني رسائل بخط يد الأمير عبد القادر وعليها ختمه، وقد شاركت وزارة الثقافة بالتنسيق مع سفارتنا بباريس في مزاد علني لشراء رسائل بخط يد الأمير عبد القادر الجزائري عليها ختمه ومترجمة إلى الفرنسية، فهل يعقل أن تشتري من المستعمر أرشيف مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة؟

كيف لنا السكوت عن استرداد جماجم المجاهدين منذ حقبة الأمير عبد القادر وما يليها وهي محفوظة في متحف الإجرام الذي يطلق عليه الفرنسيون “متحف الإنسان”، وهو الأمر الشنيع الذي يدل على ازدواجية المعايير لحقوق الإنسان، فكيف لمتحف يضم جماجم شعبنا يوضع تحت مسميات إنسانية؟

  • برأيك لماذا تُصرّ فرنسا على الاحتفاظ بأرشيف الدول التي استعمرتها ومنها الجزائر، ماذا تستفيد من ذلك؟

تستفيد فرنسا من الاحتفاظ بالأرشيف الوطني الجزائري تعزيز ما هي عليه من عُقدة الغطرسة والعنجهية أمام الدول والساسة، وهذا الأرشيف يُعينُها على التبجح بأن لديها كل ملفات الشعوب، وذلك منذ الاحتلال وهزيمة العالم الإسلامي بداية القرن التاسع عشر، ويبقينا كذلك تابعين معنويا تحت سطوتها، ويجب أن تدفع ثمن ذلك أموالا باهظة تعود بالنفع على مجتمعاتنا، فهي دولة ثرية جدا.

 

  • هناك من يرى أن مسألة استرجاع النسخة الأصلية من الأرشيف معقدة، خاصة وأن الجزائر لا تمتلك القدرة المادية واللوجستية للمحافظة على ثورة 1871 البالغة وحدها نحو خمسة كيلومترات من العلب، كيف يمكن الحفاظ على هذا الكمّ الهائل؟

الجزائر بلد تفوق مساحته مساحة فرنسا أربع مرات، وهو قادر على أن يحتفظ بكل سجلاته الوطنية القابعة في باريس، وحتى دون مبالغة فهو قادر أن يضم السجلات الفرنسية كاملة، فمتى كانت هناك إرادة حقيقية وتصميم قيادة سياسية قوية في هذا الصدد على جميع الجزائريين معرفة أن المستقبل لهم في القوة، مع استخدام العقل والمنطق في المستقبل، فالجزائر كالعملاق الذي لديه الجسد القوي لكن ما زال هناك من يضع اللثام على عينيه ليعوق حركته.

  • مسألة أخرى تجعل من مهمة استرجاع الأرشيف محفوفة بالمخاطر، وهي الملفات التي قد تُدين شخصيات جزائرية، والتي ستحرج أحفاد الجزائريين الذي تعاملوا مع فرنسا وقاموا بخدمتها، ألا تتخوفون من أن يفجر الأمر أزمة داخلية ونعرات؟

إذا كانت بعض هذه الوثائق تُدين بعض الجزائريين الذين هانت أنفسهم فتعاملوا مع الفرنسيين ضد أبناء جلدتهم، فإن أحفادهم وأبناءهم لا يَغرمون وِزرَ ما فعله أجدادهم، فهذه حقبة تاريخية، حيث قال تعالى (تِلْكَ أُمّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم ما كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .

وينبغي أن نترفّع عن أخطاء الماضي، وأن نقوم ببناء مستقبل قائم على العفو والتسامح، وينبغي أن نتطلّع دائما للتفكير في المستقبل، وعدم تحميل المسؤولية لأحد في زمننا هذا، لأن أخطاء التاريخ لا تبني أوطانا ولا مجتمعا راقيا، بل قد تحطمه أحيانا.

أول شهادة ميلاد للأمير عبد القادر الجائزي وهي وثيقة رسمية صادرة من الإدارة الجزائرية لأول مرة منذ الاستقلال
أول شهادة ميلاد للأمير عبد القادر الجزائزي وهي وثيقة رسمية صادرة من الإدارة الجزائرية لأول مرة منذ الاستقلال

 

  • سعت فرنسا لتدمير هوية الجزائريين بكل الطرق، وقامت بتدمير العديد من الوثائق التي تثبت النسب والأصول، وحتى الأمير عبد القادر راح ضحية المؤامرة التي قامت بها فرنسا بمحو آثار ميلاده في الجزائر، فكيف ذلك؟

نعم، محت فرنسا سجلّ عروش سيدي محيي الدين بن المصطفى والد الأمير وعائلته بالكامل من الجزائر، وذلك بغية استئصال أثره الراسخ فيها، ومِنْ أسفٍ أن الكثير من الناس لا يعرفون هذه الحقيقة.

في الآونة الأخيرة تقدمت بطلب تسجيل ميلاد الأمير عبد القادر رحمه الله، وأعدُّ ذلك خطوة مهمة في استعادة تاريخ الجزائر والخروج من آثار الاحتلال البغيض، وهو عمل خبيث دبَّره الفرنسيون وأعوانهم بليلٍ، ظلّ الحديث عن إعادة الأعمال والكنوز الفنية الأفريقية مستمرا لعقود، واستغلت القوى الاستعمارية الأوروبية ضخامة علم الآثار لديها لتظهر نفسها كحامٍ للتاريخ الاستعماري، وتفرض فيها الملكية كأمر طبيعي.

ويقول أنصار فكرة العودة إن القوى الاستعمارية استولت على الفن القديم لثقافات الدول المستعمرة ومتاحفها الواقعة في غرب القارة، مما يحول دون تعلم المواطنين تاريخهم. سيُصدم الجزائريون في أول يوم تُسجل فيه الدعوى عن حجم الكنوز التي تغتصبها فرنسا، وسيكون ذلك التقرير المقدم للمحكمة واضحا ويتضمن كل تفاصيل القضية.