هرم الجيزة الأكبر.. هل استخدمه الفراعنة لتوليد الكهرباء؟

على الضفة الشمالية من نهر السين في العاصمة الفرنسية التاريخية، برز متحف اللوفر المثير الذي ارتفعت جدرانه عاليا وامتلأت بالنقوش، ونُصِبت عليه التماثيل، وانعكس بريق إنارته في سماء باريس، مُرسِلا خاطرة بتاريخه القديم، فقد كان قصرا في أيام العصور الوسطى، ثم تحوّل إلى أكبر معرض للفنون في العالم اليوم.

وفي وسط الباحة الرئيسة التابعة للمتحف اعتلت المشهد قمة الهرم الزجاجي، هرم اللوفر، وقد افتُتح عام 1988 وتُوّج ممثلا لأحد معالم قارة أوروبا في العصر الحديث.

إنّ فلسفة بناء الأهرام في التاريخ البشري لم تكن يوما وليدة اللحظة، ولم تكن دخيلة على ثقافة شعوب الحاضر، بل إنّها إحدى السمات التي اتفقت عليها أغلب الحضارات القديمة في كيفية البناء الهرمي. ومهما اختلفت أنماط وأغراض البناء، فإنّ للهرم في ذاته أهميّة في علم المثلثات سواء كان ذلك معلوما لدى البنّائين القدامى أو لم يكن كذلك.

وتنتشر الأهرام حول العالم على نطاق واسع، ولا يمكن حصر عددها مهما بلغت الأبحاث وعمليات التنقيب، وقد تجاوز عدد المكتشف منها هذه اللحظة عدّة آلاف هرم، ويوجد أكثرها في قارتي أفريقيا وأمريكا الجنوبية.

متحف اللوفر بفرنسا مقام على شكل هرم

ولم يكن الأمر حصرا فقط على ما هو فوق اليابسة، بل تجاوز ذلك إلى ما هو قابع في قيعان البحار، ففي عام 1987، اكتشف أحد الغوّاصين الهواة قرية غارقة عند مسافة 25 مترا تحت الماء بالقرب من ساحل جزر ريوكيو جنوب اليابان، ويظهر فيها هرم كبير يُعرف اليوم بنصب “يوناجوني”، ويُقدّر عمره بقرابة عشرة آلاف عام.1

وكان أشهر من بنى الأهرامات هم الفراعنة، فقد احترفوا طريقة تشييدها على مدار قرون كثيرة، مرورا بعدة سلالة ملكية، وقد استوطن الفراعنة بمحاذاة نهر النيل الذي ينبع من بحيرة فيكتوريا الواقعة على الحدود بين كينيا وأوغندا وتنزانيا، ويمرّ بالسودان اليوم فمصر، ثمّ يصبّ في حوض البحر الأبيض المتوسط.

ويبلغ عدد ما اكتُشف قرابة 112 هرما مصريا، مع استمرار عملية التنقيب حتى اليوم، ويُعد الهرم الأكبر أو هرم خوفو أعظم ما بقي من الحضارة الفرعونية، وأمام كلّ التحديات المناخية ظلّ هو الوحيد الصامد من بين قائمة عجائب الدنيا السبع التي أعدّها المؤرخ اليوناني “هيرودوت” في القرن الخامس قبل الميلاد.

هرم خوفو.. أعلى بناء شيده الإنسان القديم

ينتمي هرم خوفو إلى مجموعة من الأهرام الموجودة على هضبة الجيزة، ويُمثل أيقونة حضارية مصرية قديمة، ويُنظر إليه على أنّه يحمل أكثر السمات الهندسية دقة في العصر القديم والحديث على حد سواء. صُمم الهرم على قاعدة مستوية رباعية، أي ذات أربعة أضلاع، وكلّ ضلع يحاذي جهة من الجهات الأربع المعروفة وفق اتجاه الشمال الحقيقي، وليس الشمال المغناطيسي.

وقد قدّم عالم المصريات السير “فليندرز بيتري” أول حساب دقيق لأبعاد الهرم في كتابه “أهرامات ومعابد الجيزة” المنشور عام 1880. ويشير الكاتب إلى أنّ طول ضلع القاعدة يساوي 230 مترا، مع متوسط نسبة خطأ بين طول الأضلاع، تعادل بضع سنتمترات، ليكون بذلك مربعا صحيحا.2

الدهليز العظيم في هرم خوفو الأكبر المؤدي إلى مدفن الملك خوفو

ويبلغ الارتفاع الحقيقي للهرم نحو 147 مترا، لكن تعرضه للتآكل والانهيار عبر العصور أدّى إلى زوال القسم العلوي، أي قمة الهرم، فتقلص ارتفاعه إلى 138.5 مترا، وهو الارتفاع الحالي. وقد حافظ على رقمه القياسي، فلم يزل أعلى بناء شيّده الإنسان، حتى ظهور كاتدرائية القديس بولس القديمة في مدينة لندن في القرن الرابع عشر.3

وقد بُني الهرم على هضبة الجيزة، فساهم ذلك بمنحه علوّا إضافيا عن مستوى سطح الأرض، كما أنّ الفراعنة استفادوا من الهضبة أيضا بتزويدهم بالحجر الجيري، أما صخور الغرانيت فقد جلبتها السفن من أسوان على ظهر النيل، لبناء حجرة الملك. ويُقدّر عدد الأحجار التي شكّلت الهرم بـ2.3 مليون حجرا، ويصل وزنها قرابة 6 ملايين طن.

عدد الأحجار التي بني منها الهرم الأكبر 2.3 مليون حجر

بُني الهرم على نحو تدريجي، بحيث تكون القوالب الحجرية في كل طبقة يقلّ حجمها كلما اتجهنا إلى الأعلى، ولعلّهم لم يهتموا بشكل الأحجار التي تبطن الهرم من الداخل، فبدا عليها بعض العشوائية وكأن الصورة الجمالية مفقودة، في حين يتضح مدى براعتهم ودقتهم في تشكيل الغطاء الحجري الخارجي.4

ولربط هذه الفواصل وسد الفراغات استُخدمت مادة الملاط (المونة) على نحو دقيق، ويكسو الهرم من الخارج حجر جيري أبيض مصقول بعناية فائقة، ليشكّل أربعة أسطح ملساء في نهاية المطاف، لكن لأسباب طبيعية تآكلت هذه الطبقات وانهارت، وبقي الحجر الأساس هو الظاهر.

“حجرة الملك”.. المثوى الأخير في أعالي الهرم

في العادة، يمثل الحجر الصلب البناء الداخلي للأهرام، مع وجود بعض المعابر والمنافذ إلى الحجرات الداخلية، وليس هرم خوفو استثناء، لكنه بلا شك أكثر جدلا وغرابة. فوفقا للرسوم البيانية، فإنه على مرتفع من الأرض تطلّ البوّابة الأساسية التي ينطلق منها ممر طويل يتفرع منه ممران، أحدهما ينطلق إلى الأعلى والآخر إلى الأسفل.

وعادة ما تكون الممرات المنطلقة إلى الأسفل تقود إلى حجرات مخصصة لدفن المومياء، حيث ترقد هناك بعد تحطينها، لكن لا يبدو هذا الحال هنا، فحجرة الدفن ليست مهيأة ولا مكتملة وتُطلق عليها “الحجرة التحتية”.

ويرى علماء المصريات أن مومياء الملك “خوفو” كانت ترقد في الحجرة العليا، بسبب وجود مجسم أشبه بتابوت ضخم منزوع الغطاء، وتدعى “حجرة الملك”، وتقع عند نهاية الممر العُلوي. بالإضافة إلى أنّ كتلة ضخمة من الغرانيت تبطنها.

لا معالم كثيرة داخل الهرم الأكبر، إنما بضع ممرات وغرف فقط

وفي أعلى حجرة الملك خمس حجرات صغيرة مفصولة عن بعضها بألواح ضخمة من الغرانيت، ولا يعلم أحد سبب وجودها بعد. وفي الأسفل على محاذاة حجرة الملك تقريبا، تقع “حجرة الملكة” كما يُطلق عليها، مع أنّ علماء المصريات يرون أنّ هذا الهرم قد بُني ليحمل شخصا واحدا فقط، أي الملك، وأن زوجاته دُفنّ في مقابر أخرى بجوار الهرم.

ولا يوجد شيء في الحجرة الآن، ولكن ينطلق منها نفقان ضيقان باتجاه الشمال والجنوب، ولا توجد تفاسير معتمدة إلى الآن تشرح سبب وجود هذا التصميم الهندسي.

ومن أجزاء الهرم المهمة “البهو الكبير” الذي يربط بين الممر العلوي وحجرة الملك. وما كان مثيرا حقا هو أنّ جميع حيطان الحجرات خالية من النقوش، على عكس عادة الفراعنة عند دفن موتاهم.

وبسبب الغموض الكبير الذي يحيط بالهرم، اعتمد الباحثون عدّة تقنيات وأجهزة للكشف عن الهيكل الداخلي، منها الماسحات الضوئية بالأشعة تحت الحمراء، والليزر، وأجهزة الكشف عن الأشعة الكونية.5

بناء الهرم.. معجزة نظام هندسي سابق لزمانه

ما زال لغز بناء الأهرام إلى اليوم يمثل نقطة خلاف بين علماء المصريات والمؤرخين، فالقول الفصل هنا مستبعد تماما، لشح المعطيات بالنظر إلى النتائج التي أمامنا، فلا أحد يعلم التقنيات التي كانت متوفرة في ذلك الحين، وما هي السبل المتاحة لنقل عشرات الأطنان من بقعة إلى أخرى، أو رفعها من الأرض إلى ارتفاع ما.

وما هو جدير بالذكر في هذا الصدد، أنّ المؤرخ اليوناني “هيرودوت” من القرن الخامس قبل الميلاد، كان أول من كتب عن الأهرام المصرية، بناء على السجلات الموجودة لدينا، ووفقا لتقديراته فإنّ الذين بنوا الهرم خوفو يفوق عددهم 100 ألف شخص. ولا يبدو ذلك استنتاجا سليما لدى علماء المصريات اليوم، لأنّ مقياس “هيرودوت” كان يعتمد على ما تتداوله ألسنة الناس بدلا من التحقق التجريبي، وهذا مُحال، لكون الفترة الزمنية الفاصلة بين بناء الهرم و”هيرودوت” تقدّر بحوالي 2700 سنة.

جر الحجارة العظيمة، فرضية مقبولة في بناء الأهرام

وتعتمد الدراسات الحديثة على تتبع أثر البنائين أو العمّال الذي ساهموا في بناء الهرم، فمعرفة أحوالهم ونمط حياتهم قد يقودنا إلى بعض الحلول، وربّما أعدادهم التي تُقدّر بنحو 20-30 ألف عامل.6

تذكر التواريخ المتوفرة أنّ بناء الهرم استغرق 20 عاما حتى اكتمل، ووفقا لذلك يرى المؤرخون أنّ متوسط عدد الحجارة التي كانت تنقل يوميا يبلغ 340 حجرا، وزن الحجر الواحد 60 طنا.

وفي عام 2018، أعلنت بعثة فرنسية بريطانية عن توصلها إلى خيط قد يدل على الكيفية التي بُني بها الهرم الكبير. ففي أثناء عملية تنقيبهم في محجر “حنتوب” الواقع شرقي مدينة تل العمارنة في مصر، عثرت البعثة على نظام مثير لنقل وسحب الكتل الثقيلة من أسفل المحجر إلى الأعلى.

إنّ هذا النظام الفريد يقتضي وجود منحدر أو منزلق في المنتصف تُرفع عليه الكتل، ويحفّ المنزلق على الجانبين مدرجان يصعد عليهما العاملون، وبمساعدة أعمدة موجودة على استقامة الطريق -تعمل عمل البكرات- يسحب البنّاؤون الكتل باستخدام الحبال وفق آلية معيّنة.

دقة كبيرة جدا في الشكل الرباعي لقاعدة الهرم

اطلاع كاف لحساب وقياس المسافات اللازمة لرفع أوزان كهذه على ارتفاعات شاهقة، ويقول د. “رولاند إنمارتش” من جامعة ليفربول في مقابلة مع صحيفة “تايمز” البريطانية، إن اكتشافا كهذا هو الأول من نوعه، لكن لا يمكن الجزم قطعا بهذه الوسيلة، لأنّ المنزلقات التي استُخدمت لبناء الهرم الأكبر قد أزيلت، هذا إن كانت قد استخدمت حقا.7

وكما يبدو فاستخدام المزلاج على زاوية مائلة أفضل بكثير من الاعتماد على الحركة العامودية لرفع الكتل، ورياضيا يمكن التحقق من ذلك، لأنّ تأثير سحب الجاذبية سيكون أعلى بكثير، ولذلك يكون الجهد المبذول مضاعفا.

ولأن هذا الفراغ المعرفي لم يمتلئ بعد، فإنّ النظريات ما زالت إلى اليوم تبتكر حلولا لمعالجة هذه المسألة، كما أنّ ثمة من يدّعي أن قوة فضائية خارقة ساعدت الفراعنة على إنجاز هذه التحفة المعمارية.

ولأنّ هناك من يؤمن بفلسفة خاصة، وهي أن معرفة السبب تُسهّل إدراك الكيفية، فقد سعى “كريستوفر دون” -وهو مهندس عمِل بوكالة ناسا الفضائية- إلى شق طريقه متبعا هذه الفلسفة، ليس هذا فحسب، بل إنّه قد ضرب بعرض الحائط كلّ ما قيل عن سبب بناء الأهرام، محدثا ثورته في هذا المجال، بناء على معطيات هندسية.

تلبية احتياجات الحاضر.. دلائل تنفي نظرية الأضرحة الملكية

إن الصورة النمطية المختزلة في أذهاننا عن الأهرامات تربط وجودها بغرض احتضان جثامين العائلات الملكية، فرعون وأسرته وحاشيته. ولا يحيد الموضوع كثيرا عن هذا المسار، سواء كانت الغاية منها أن تكون مقابر أو معابد قديمة، وقلّما يوجد تعليل آخر.

وفي هذا المقال، نطرح الوجه الآخر غير المروي بالاستعانة بكتاب “محطة توليد كهرباء الجيزة” لكاتبه “كريستوفر دون” المنشور في عام 1998، فهو يقدم نفسه بديلا عصريا لتفسير وجود الأهرامات، ولا سيما هرم خوفو الكبير.

ما السر الحقيقي وراء بناء الأهرامات؟

يقول “دون” في مقدمة كتابه: عند دراسة الرسومات التي أظهرت مقطعا عرضيا للهرم الأكبر ومراجعة التفاصيل الدقيقة المذهلة الذي احتوى عليها، اندهشتُ ولم أجد أي تشابه منطقي مع أي ميزة يمكن للمرء أن يجدها في مبنى مشيّد للنشاط البشري. إن التفاصيل الدقيقة التي أظهرت كل شبر تقريبا من الهرم الأكبر جعلتني أتساءل وأشكك في حقيقة استخدام الهرم الأكبر مقبرة ملكية.8

يصف الكاتب نفسه بأنه حِرفي ومهندس عمل في مجاله قرابة 35 عاما، ويريد تسخير خبرته العملية في كشف خبايا وخفايا هذا الصرح العظيم، بدراسة الممرات والحجرات التي تخللت البناء الداخلي، صانعة أحجِيّة مثيرة وفريدة لا يمكن تجاهل تصميمها. ويرى “دون” أن مشاريع البناء الكبرى في الحضارات البشرية -ومنها الأهرام- لا تنفّذ لأجيال المستقبل بعد آلاف السنين، بل لتلبية احتياجات الحاضر.

ومن الحقائق التي يسردها الكتاب أنه مع كثرة الأهرام -التي اكتُشفت في مصر حتى الآن، ويفوق عددها 100 هرم- فإننا لم نجد أي مومياء أصلية فيها، كما أنّ التابوت الحجري الفارغ الذي عُثر عليه داخل غرفة الملك لم تكن عليه أي آثار كيميائية لبقايا جثث مدفونة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن بقايا الملح على جدران حجرة الملكة تشير إلى أنه استُخدم لإجراء بعض التفاعلات الكيميائية، ولم يُعثر على مادة السخام في ممرات الأهرامات أو حتى في حجرة الملك، للدلالة على استخدام مشاعل النار العادية لإضاءة الأماكن المعتمة التي تبعد عن مصدر الضوء (الشمس) قرابة 100 متر.

وهذا قد ينفي التصور الشائع بأنّ الأهرام وُجِدت لإيواء الفراعنة بعد موتهم، بل إنّ ما عُثر عليه كان في مقابر تحت الأرض مدفونة ومخفية، مثل مقبرة “وادي الملوك” التي تبعد عن الأهرام مئات الكيلومترات.9

فإذا كانت نظرية المقابر غير دقيقة، فما الغاية إذن من بناء هذه المجسمات الضخمة، مستهلكةً عتادا بشريا كبيرا وكلفة مادية ضخمة؟

توليد الكهرباء.. محول طاقة ضخم على هضبة الجيزة

بعد حديث مطوّل يتطرق إليه “كريستوفر دون” في شرح أنواع الأمواج الصادرة من حركة الصفائح التكتونية في قشرة الأرض التي تتسبب بالزلازل، يوضح بأنّ ثمة طاقة ميكانيكية مستمرة لا تنفد من هذه الحركة، وأنّ الغرض الأساسي من الهرم هو الاستفادة من هذه الطاقة المتجددة.

فالكاتب يؤمن بأنّ الحضارات القديمة كانت ذات اطلاع كبير على شتى أنواع العلوم، ولعلهم كانوا مدركين لكثير من التفاصيل التي تتعلق بعلم الكيمياء والطاقة وكذلك الكهرباء. فيقول مستأنفا حديثه: كان الهرم الأكبر عبارة عن محطة طاقة جيوميكانيكية تستجيب بتناغم مع اهتزازات الأرض، وتحولها إلى طاقة كهربائية. لقد استخدم الفراعنة الكهرباء لتزويد حضارتهم بالطاقة، وتضمنت تشغيل الأدوات الآلية التي ساعدتهم على نحت الصخور النارية الصلبة.

إن ما يراه الكاتب هو أنّ الهرم ليس إلا محوّل طاقة ضخما، فيشرح آلية توليد الكهرباء بإسهاب ونختصره بشكل مبسط هنا بالآتي:

يعد الغرانيت الذي يبطن حجرة الملك من الصخور النارية، ويحتوي على بلورات السيليكون والكوارتز بنسبة تفوق 55%. وتشتهر بلورات الكوارتز بتحفيز تدفق الإلكترونات عند اهتزازها أو إجهادها ميكانيكيا، وهذا ما يُسمى “التأثير الكهروضغطي” (Piezoelectric Effect).

كتاب “محطة توليد كهرباء الجيزة” نظرية غريبة في تفسير الأهرامات

وتقترح النظرية أنّ حجرة الملكة كانت تُستخدم لإنتاج الهيدروجين عبر تفاعلات كيميائية، وهذا الهيدروجين الناتج سيملأ جميع الحجرات والممرات. كما أنّ الحجرة التحتية التي تقبع أسفل الهرم يفترض أن تمنح نبضات اهتزازية ناتجة عن الأرض، لتصل إلى الحجرات الصغيرة الخمس القابعة أعلى حجرة الملك، ويمكن التلاعب بالمسافات بين الحجرات وفقا لتردد النبضات القادمة. والمثير في تصميم الهرم هو أنّ هذه الحجرات الخمس قابلة ومصممة لفعل ذلك بسهولة. فهذا التناغم في الإيقاع سيسمح للطاقة الحركية المتمثلة باهتزاز الأرض أن تسري عبر الهرم كلّه.10

وتكمن فائدة الممرين الشمالي والجنوبي في تمرير الطاقة الكهربائية المنبعثة من التأثير الكهروضغطي إلى خارج الهرم، لتوليد كهرباء لاسلكية، أو بمعنى آخر كهرباء ساكنة صالحة للاستعمال في عمليات الإضاءة والتصنيع، بهوائيات مضبوطة لاسلكيا. ويُعد مولّد “فان دي غراف” الكهربائي أحد النماذج القريبة لمبدأ عمل الكهرباء الساكنة التي ينتجها الهرم.

صفائح النحاس.. بطاريات قديمة من آثار الحضارة الرومانية

إنّ ما يدعم نظرية توليد الكهرباء في العصور القديمة، هو ما اكتشفه علماء الآثار في ثلاثينيات القرن الماضي من أوان تحتوي على صفائح من النحاس في مواقع أثرية تابعة للحضارة الرومانية، ويرى الباحثون أنها ربما كانت بطاريات قديمة تهدف إلى إنتاج الضوء. كما أنّ أجهزة مماثلة عُثر عليها في الحفريات الأثرية قرب بغداد، وهذه إشارة أخرى إلى أن الفرس القدماء ربّما استخدموا أيضا نموذجا بدائيا من البطاريات.11

إنّ ما علينا إدراكه حقا هو أنّ الكهرباء -حالها كحال الجاذبية- لم تُخترع، بل هي موجودة منذ القدم وكلّ ما في الأمر أننا اكتشفناها، ولعلّ قصر النظر في التاريخ والعجز عن الإلمام بكل شاردة وواردة، جعل الإنسان الحديث يبخس حق الإنسان القديم ويقلل من شأنه ومعرفته.

ويبقى الهرم خوفو أحد الدلالات الشاهدة على قدرة الحضارات القديمة على تسخير مخزونها العلمي والمعرفي، ودليلا على عجزنا عن تفسيرها بالشكل الصحيح والمرضي. ويبقى علينا أن نكتشف الطريقة الفريدة التي تؤكد صدق ادعاء الكاتب في كهرباء الهرم الأكبر واهتزازات الأرض من تحته.

 

المصادر:

[1] أومواكا، ناوتومو (2021). تحت الأمواج قبالة سواحل جزر ريوكيو اليابانية، سلسلة من التكوينات الشبيهة بالهرم لفتت انتباه الغواصين والجيولوجيين منذ اكتشاف الموقع في عام 1987. تم الاسترداد من: https://www.bbc.com/travel/article/20210311-japans-mysterious-underwater-city.

[3] بيتير، سير فليندرز (1883). أهرام ومعابد الجيزة. نيويورك، سكريبنر وويلفورد. ص39

[2] جوش، إيمان (2019). هذه هي أطول الهياكل في العالم عبر التاريخ. تم الاسترداد من: https://www.weforum.org/agenda/2019/09/tallest-historical-structures/#:~:text=The%20Great%20Pyramid%20of%20Giza%20is%20the%20oldest%20of%20the,structure%20for%20thousands%20of%20years.

[4] مارك، ليهنر (2002). نسيج الهرم: الحقيقة الأساسية. تم الاسترداد من: http://www.aeraweb.org/wp-content/uploads/2015/01/aeragram5_2.pdf

[5] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). العبيد لم يبنوا أهرامات الجيزة. تم الاسترداد من: https://www.britannica.com/video/226777/did-enslaved-people-build-the-pyramids

[6] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). من بنى الأهرمات؟. تم الاسترداد من: https://www.pbs.org/wgbh/nova/pyramid/explore/builders.html#:~:text=Herodotus%2C%20the%20Greek%20historian%20who,totalled%20more%20than%20100%2C000%20people.

[7] إيمنارتش، هولند (2018). مصر القديمة: كيف تم اكتشاف المنحدر الذي ربما تم استخدامه لبناء الهرم الأكبر بالجيزة. تم الاسترداد من: https://www.newsweek.com/ancient-egypt-how-i-discovered-ramp-might-have-been-used-build-gizas-great-1207432

[8] دون، كريستوفر (1998). محطة توليد الكهرباء بالجيزة: تقنيات مصر القديمة. بير آند كومباني، فيرمونت. الطبعة الأولى. ص9

[9] نفس المصدر. ص14

[10] نفس المصدر. ص64

[11] أكتيسون، نانسي (2014). من اكتشف الكهرباء؟. تم الاسترداد من: https://www.universetoday.com/82402/who-discovered-electricity/