القضية الفلسطينية وشؤونها وقود السينما اللبنانية

نقولا طعمة – بيروت

إن أظهر الأسبوع السينمائي “فلسطين والقضية الفلسطينية في السينما اللبنانية” أمرا مهما ما، فهو تجذّر القضية الفلسطينية في ضمير مختلف الأجيال اللبنانية، واستمرار تفاعل القضية في عقولهم.
21 فيلما من أجيال سينمائية ثلاث تضمنها الأسبوع جمعت الوثاقي بالروائي، وتناولت مختلف شؤون القضية الفلسطينية إن في الداخل الفلسطيني أم في المخيمات، كما تناولت هجرة ال48، ومختلف التطورات ومراحلها.
الأسبوع أقامته وزارة الثقافة اللبنانية من ضمن احتفالية “القدس عاصمة للثقافة العالمية”، ونسقه “نادي لكل الناس” الذي أنتج فيلما عرض فيه كيفية تناول السينما اللبنانية للقضية الفلسطينية منذ أوائل الأفلام التي واكبت تطورات النكبة، وقداستغرق عرضه نحو 48 دقيقة، توثيقا للقضية الفلسطينية، وتطوراتها من خلال الأفلام اللبنانية التي تعاملت مع القضية الفلسطينية.
نفّذ الفيلم فريق من النادي، وعرض ملخصا لأفلام 19 مخرج انتجت منذ أربعين سنة حتى اليوم، وكيف بدأ المخرجون اللبنانيون يرون القضية الفلسطينية من خلال السينما اللبنانية. كما تضمّن الفيلم مقابلات مع باحثين خصوصا من الذين احتلت القضية الفلسطينية الكثير من اهتمامهم فجاء الفيلم توثيقا للقضية منذ هجرة سنة 1948.
الأفلام
من الأفلام الاولى التي تناولت القضية الفلسطينية فيلم “كفرقاسم” من إخراج برهان علوية عام 1974، يمتد ساعة وخمس وأربعون دقيقة، ويتناول المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال في كفرقاسم عشية الهجوم الاسرائيلي على مصرعام 1956 عقب إعلان الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر عن تأميم قناة السويس.
 من الأفلام، “9 آب” لطلال خوري، يجسّد فيه بالحركة والصورة والصوت قصيدة “واجب شخصي” للشاعر الراحل محمود درويش”. وهو من 13 دقيقة من أعمال 2009.

من فيلم طابتي لروان ناصف

و”قريب بعيد” لإيليان الراهب، من 59 دقيقة، وهو كناية عن مشهدية اغتيال محمد الدرة بين ذراعي والده، والفيلم كأنه وضع ليفاقم المأساة الانسانية للعملية الوحشية لاغتيال الدرة.  
و”كلنا فدائيون” لغاري غارابتيان، من الأفلام القديمة نسبيا يعود لعام 1969، ويمتد ساعة وسبع وعشرون دقيقة. يجسّد الفيلم بطولات شبابية حماسية، فيحكي كيف تنفذ مجموعة فدائية عمليات في الأرض المحتلة. يطلب الفدائيون المساعدة من شاب فيساعدهم، لكنه يقع بيد قوات جيش الاحتلال، ويفشي مكان تواجد الفدائيين تحت ضغط وتعذيب الاسرائيليين له، وانتقاما منهم، يقوم الشاب لاحقا بتنفيذ عملية تفجير لمركز الشرطة الاسرائيلية فيقتل قائد الموقع، ويلتحق بالعمل الفدائي.
و”يومين أو ثلاثة” فيلم لهالة أبو زكي، 18 دقيقة من أعمال 2004، يعرض فلاحا وابنه يضطران لمغادرة بلدتهما في فلسطين، فيتوجهان إلى لبنان. وتضيع الجدة في الطريق، فينطلقان بحثا عنها في مسيرة طويلة عبر القرى اللبنانية. بحث تشوبه عذابات طويلة تجسد مأساة الفلسطينيين المديدة.
ثم “مئة وجه ليوم واحد” 62 دقيقة، للمخرج المخضرم كريستيان غازي الذي حضر عرض فيلمه كنسخة فريدة منقذة من بين ركام منزله، وهو فيلم جريء يعود للعام 1972، أنتج في سوريا، ومنع عرضه لأسباب تقنية وإدارية وسياسية في سوريا ولبنان. واحتفظ غازي به دون رعاية جيدة، فتآكل الزمن صوره السوداء-البيضاء التي لم تكن كثيرة الوضوح. يعرض الفيلم كيفية انطلاق العمل الفدائي، ممثلا نموذجا لعملية فدائية ابتداء من تنظيمها وحتى تنفيذها، متضمنا مشاهد توثيقية حيّة التقطت في المخيمات تحضيرا للعمليات الفدائية.
و”طابتي” لروان ناصيف، فيلم من 16 دقيقة سنة 2005، يظهر تعب الأطفال والأولاد في جمع الفضلات من النفايات لتغطية حاجاتهم، والحاجة في الفيلم طابة كان على الطفل أحمد أن يؤمنها لفريق كرة القدم كطابة رديفة أضاعها.
 و”دوار شاتيلا” من 52 دقيقة لماهر أبو سمرا يصور المخيم من أسطح بناياته المكتظة، وعدسة الكاميرا محشورة عصية على الحركة بسبب الازدحام. يعبر ضيق حركة الكاميرا عن اختناق المخيم، وضيق الحركة فيه ممثلة باستحالة التمثيل فيه، محاولا كشف معالم الهوية الفلسطينية ربطا بالواقع السياسي والاجتماعي اللبناني السائد.
أفلام كثيرة أخرى منها “ألف ليلة وليالي” لهادي زكاك من 15 دقيقة عام 1999، وله أيضا “لاجئون مدى الحياة”، من 48 دقيقة لعام 2006، و”لأن الجذور لا تموت” لنبيهة لطفي من 54 دقيقة لعام 1977، وهو وثائقي يسبق حصار مخيم تل الزعتر.

من فيلم مئة وجه ليوم واحد

“سفر” للميا جريج من 41 دقيقة عام 2006، يربط تجربة شخصية بقضايا عامة كبيرة. و”كل واحد وفلسطينو” لنادين نعوس من 59 دقيقة عام 2006، عاطفي في التعبير عن اختيار الجيل الجديد لفلسطين كخلفية لصوره الشخصية. و”يا سلام” لفؤاد عليوان من أربع دقائق عام 2000، يسخر من مفاوضات بينما المجازر مستمرة. و”ما هتفت لغيرها” لمحمد سويد من 87 دقيقة عام 2008، يستلهم حرب العصابات في ثورات العالم.
“براميل صبرا” لشيرين أبو شقرا 26 دقيقة عام 2007، يعرض رغبة متقدة لفتى يتيم يريد أن يقابل والدته، و”أرض النساء” لجان شمعون من ستين دقيقة عام 2003، يروي قصة كفاح عفيفي ف معتقل الخيام.
و”رسالة إلى صديق فلسطيني” من 12 دقيقة عام 1999 لرنا عيد يتحدث عن معاناة مخيمي صبرا وشاتيلا.
و”أحلام المنفى” لمي مصري من 56 دقيقة عام 2001، يعرض رحلة اللقاء فوق أسلاك شائكة.
تعليق من برهان علوية مخرج فيلم “كفرقاسم”
وفي اتصال بالمخرج برهان علوية، قال ل”لجزيرة الوثائقية”:
 “السينما اللبنانية ككل كانت ولا زالت تزخر بالشؤون المرتبطة مع القضية الفلسطينية، والموضوع الفلسطيني كان ولايزال وسيظل هاجس الشباب على مستوى لبنان كما على مستوى العالم العربي”.
وقال: “لأن القضية الفلسطينية هي عربية بامتياز، وعالمية، ولذلك كانت موجودة دائما في السينما. ومع تداخلها العضوي بالشأن اللبناني لدرجة كأنهما قضية واحدة، كانت السينما بصورة دائمة تتناول فلسطين وشؤونها بأشكال مختلفة في كافة مناحي الحياة”.
وختم: “القضية الفلسطينية قضية متداخلة بوجود كيان كاسرائيل مهدد للوجود البشري في محيط فلسطين، وللسلام العالمي ككل، ولا تستطيع السينما الابتعاد عن موضوعات هذه القضية”.