مهرجان أجيال السينمائي بدورته السابعة.. اكتشف الأفلام واكتشف الحياة

شدى سلهب

تحت شعار “اكتشف الأفلام.. اكتشف الحياة”، انطلق في الحي الثقافي “كتارا” في العاصمة القطرية الدوحة مساء الاثنين 18 نوفمبر/تشرين الثاني فعاليات مهرجان أجيال السينمائي بدورته السابعة. حيث عُرض فيلم الافتتاح “إن شئت كما في السماء” في حضرة مُخرجه الفلسطيني إيليا سليمان.

ويستمر المهرجان الذي تنظمه مؤسسة الدوحة للأفلام حتى 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ويعرض خلال هذه الفترة 96 فيلما من 39 دولة، منهم 23 فيلما طويلا، و73 قصيرا، من بينها 50 من إنتاج دول عربية، و56 فيلما من إخراج نساء.

المخرج الفلسطيني إيليا سليمان في حفل افتتاح مهرجان أجيال السينمائي

 

“إن شئت كما في السماء”.. روح فلسطين

اختير فيلم “إن شئت كما في السماء” للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان فيلم افتتاح، وهو من إنتاج فرنسي قطري ألماني كندي تركي فلسطيني مُشترك، وقد حاز على تنويه خاص من لجنة التحكيم، كما فاز بجائزة الاتحاد الدولي للنقاد بمهرجان كان السينمائي مايو/أيار الماضي، ورشّحته فلسطين أيضا لجائزة أفضل فيلم روائي دولي في سباق أوسكار عام 2020.

يُجسّد العمل السوريالي الكوميدي روح فلسطين، فصانعه “إيليا سليمان” يتجاوز حدود وطنه فلسطين قاصدا باريس ونيويورك، ففي كل مدينة جديدة نراه وهو يُحدّق بدهشة وفضول تجاه حياة الناس، لكن الوطن يأبى إلا أن يتصدّر ذكرياته.

أربع كلمات فقط هي كل ما يقوله سليمان، وذلك في فيلم يُعيد إلى الأذهان فن الكوميديا الصامتة الذي أصبح عُملة نادرة في القرن الـ21. إنه ملحمة كوميدية تغوص في مفاهيم الهوية والوطنية والانتماء، ويطرح سليمان من خلاله سؤالا: ما هو المكان الذي يُمكننا حقا أن نُسميه وطنا؟

وقال سليمان في تصريح له خلال حفل الافتتاح إنه في بداية تصوير فيلمه في فلسطين شَعَر باليأس وصُدم بالقمع والاحتلال، لكنه اليوم يشعر بالأمل بعد أن رأى الجيل الشاب يُعبّر عن نفسه بالمقاومة الثقافية، فهو قادر على أن يُعبّر ثقافيا عن الحصار والحرب وعن عدالة القضية الفلسطينية عالميا.

 

الأفلام الطويلة

وتشارك في فئة الأفلام الطويلة 19 فيلما أهمها: “1982” للمخرج وليد مؤنس، وهو من إنتاج عام 2019، وتدور أحداث الفيلم إبان الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982، حيث يحاول وسام (11 عاما) أن يبوح لفتاة في مدرسته بحبه لها، وذلك في ظل الحرب والاجتياح.

وفيلم “الحديث عن الأشجار” للمخرج صهيب الباري (2019)، حيث يروي قصة أربعة مخرجين سودانيين تربطهم صداقة استمرت أربعة عقود، وهم الأعضاء المؤسسون لجماعة الفيلم السوداني، حيث التقوا بعد غياب لرسم أحلامهم المتعلقة بإيصال السينما للجمهور في بلدهم السودان، وذلك في مهمة طموحة لاستعادة التاريخ الثقافي للسوادن.

ويُعتبر الوثائقي “من أجل سما” (2019) للمخرجيْن وعد الخطيب وإدوارد واتس؛ أشبه برسالة حبّ من أم شابة لابنتها، إذ يرصد على مدار خمس سنوات من الثورة السورية حياة وعد الخطيب وابنتها “سما”، لتجد نفسها في خيار صعب؛ هل تُغادر المدينة (حلب) لحماية ابنتها أم تبقى تُخاطر بحياة ابنتها في سبيل عدم التخلّي عن كفاحها من أجل الحرية؟

كما تُعرض الأفلام الطويلة التالية أيضا: الفيلم المقدوني “أرض العسل” (2019) للمخرجين لوغوبومر ستيفانوف وتمارا كوتيفسكا، والياباني “أبناء البحر” (2019) للمخرج آيومو واتانبي، والنرويجي “الجِمال القطبية” (2019) إخراج كارل إميل، وفيلم “أرض الرماد” (2019) إخراج صوفيا كويروس، و”الوداع” (2019) للمخرج لولو وانغ، و”بعيداً” (2019) إخراج غينتس زيلبالوديس، والفيلم الأمريكي “امنحني الحرية” (2019) للمخرج كيريل ميخانوفسكي، والفرنسي “جان ميشيل أوثونيل.. فنان من طراز نادر” (2019) للمخرجين فيليب النفرانشي وستيفان روسي، و”إلى آخر أصقاع الأرض” (2019) للمخرج كيوشي كوروساوا، والبولندي “جيكوب وميمي والكالب المتكلمة” (2019) إخراج إدموندز جانسونز، و”رحلة آيلو” (2018) للمخرج جيليام ميداتشيفسكي، و”ستموت في العشرين” (2019) للمخرج أمجد أبو العلا، و”زهرة بومباي” (2019) للمخرج جيتانجالي راو، و”عفوا.. لم نجدكم” (2019) للمخرج كين لوتش، إضافة إلى الفيلم الأمريكي “ساحر أوز” (2019) للمخرج فيكتور فليمنغ.

 

الأفلام القصيرة.. “صُنع في قطر”

يحتفي مهرجان أجيال بالمواهب السينمائية في قطر، وذلك بتوفيره برنامجا خاصا للأفلام المحلية القصيرة تحت عنوان “صُنع في قطر”، والذي يُعدّ أحد أبرز فعاليات المهرجان، حيث يعرض 23 مخرجا قطريا أعمالهم الروائية والوثائقية والتجريبية القصيرة التي تطرح قصصا وحكايات ورؤى من قلب الواقع والحياة.

الملفت هذا العام هو أن بعض الأفلام القصيرة –التي اختيرت للمشاركة في هذا القسم من المهرجان- قد تم تصويرها خارج دولة قطر، وهو ما يعكس التأثير المتنامي لصناعة السينما المحلية التي باتت تشهد تطورا ملحوظا.

صورة تجمع لجنة تحكيم “بدر” في حفل افتتاح مهرجان أجيال السينمائي

 

قطر والهند.. احتفاء بالعام الثقافي

احتفالا بـ”العام الثقافي قطر الهند 2019″، يتعاون مهرجان أجيال السينمائي مع أكاديمية مومباي للصور المتحركة، وذلك لعرض مجموعة من الأفلام الهندية القصيرة ضمن برنامج “صُنع في الهند”، والتي ستكون بمثابة نافذة على الهند المعاصرة وتراثها السينمائي النابض بالحياة.

وستُعرض يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني ثمانية أفلام هندية هي: “الجد” (2018) للمخرج أوماشنكر ناير وغايتي صديقي، وفيلم “شغف لا ينتهي” (2019) للمخرج آفيشكار بهارادواج، و”بخار” (2019) من إخراج هارش هودا، إضافة إلى فيلم “القَسَم” (2017) إخراج غاوتام فيز، وفيلم “باتّي” (2019) من إخراج آشكاي سارجيراو دانافال، وفيلم “اختلافات وخلافات” (2019) من إخراج ياشوادهان غوسوامي، وفيلم “وظيفة شاغرة” (2017) من إخراج آنوراج بي ورليكار، والختام مع فيلم “لأنني فكّرت بك” (2014) للمخرج أحمد روي.

لوحات فنية للفنان حيّان منور المشارك في معرض “آرك”

 

“عالم أجيال للإبداع”.. معارض للفنانين

استمرارا لدعم الفنانين المحليين والمجتمع المُبدع في قطر، يحتفي مهرجان أجيال السينمائي بفن “سرد القصص”، وذلك ضمن برنامج “عالم أجيال للإبداع” الذي يعرض أبرز أعمال فناني الوسائط المتعددة في قطر. ويشارك 19 فنانا في قطر بمعرض “آرك” (وتعني مسار) الذي يجمع أعمالا فنية ذات مسار روائي جذاب.

كما يُنظم معرض “جيكدوم” الذي يحتفي بالثقافة الدارجة في قطر، وذلك بعروض أفلام الرسوم المتحركة ومسابقات الأزياء التنكرية، وذلك في تجربة تُرضي جميع أذواق عشّاق الثقافة الدارجة، إضافة إلى برنامج “إيقاعات أجيال” الذي يُسلّط الضوء على المشهد الموسيقي المحلي، وذلك بحشده مجموعة من الموسيقيين المقيمين في قطر والمعروفين عالميا.

لجنة تحكيم “صُنع في قطر” أمجد أبو العلاء وفاطمة السهلاوي وكريس هيتشن

 

لجنة التحكيم والجوائز

تشجع مسابقة أجيال فئة الشباب على التفكير الإبداعي والتعاون والتعبير عن الذات، وذلك بإشراكهم في لجنة تحكيم اختيار الفائزين بجوائز المهرجان، حيث يشارك 450 حكما من 45 دولة في لجان تحكيم للصغار والكبار تحت إشراف حكّام دوليين، وتنقسم لجنة تحكيم مهرجان أجيال إلى ثلاثة أقسام وفق الفئات العمرية، وهي “محاق” و”هلال” و”بدر”.

تمنح كل لجنة من لجان التحكيم الثلاثة جائزتي أفضل فيلم قصير وأفضل فيلم طويل لأفلامهم المفضلة، أي ما مجموعه ست جوائز، حيث يحصل مخرجو الأفلام الفائزة على تمويل لمشروع فيلمهم القادم، في حين سيصوّت الجمهور الصغير على أفلامه المفضلة.

وستقوم لجنة من محترفي صناعة السينما باختيار أفضل فيلم من قائمة أفلام “صُنع في قطر”، إضافة إلى جائزة “جمهور أجيال” التي تسمح للجمهور باختيار الفيلم الفائز بهذه الجائزة.