واقع وأفق الجمهور العربي

 
الحبيب الناصري
 
تقديم:
      تشكل السينما، لاسيما في زمننا هذا، وفي ظل “صراع الحضارات” بالمفهوم الوارد عند المفكر المغربي الدكتور المهدي المنجرة (1)، بوابة أساسية للحفاظ على البعد الإنساني وقيمة القيم(2)، لاسيما لدى الشعوب التي تدرج ضمن ما يسمى بـ “دول العالم الثالث”، ومنها خصوصا دول العالم العربي، مقابل دول العالم الغربي الرأسمالي المتقدم الذي لايقوم بالجهد اللازم لمعرفة خصوصيات المجتمعات التي تختلف معه في مكون الخصوصيات و/أو الهويات.
 
        ضمن هذه السياقات الثقافية، تأتي أهمية الفنون بشكل عام، والسينما بشكل خاص وبمكونيها الروائي والوثائقي، لتكسير الصورة النمطية المخدومة بأشكال عديدة، لخدمة الصورة التي يبنيها الآخر عنا، لاسيما وهي صورة تتساير والأهداف الغربية المنشودة، من أجل جعلنا كعرب وكأفارقة وكمسلمين وكدول غير غربية، نعيش خارج سؤال الحضارة كقيم إنسانية عليا مشتركة، مع الحفاظ على خصوصيات المجتمعات البشرية لاسيما في شقها الثقافي والفني والجمالي، باعتبار هذا الاختلاف هو قيمة إنسانية مضافة، لأن التشابه في كل شيء هو قتل رمزي للإنسانية جمعاء.
 
فهل أدرك العربي، قيمة الصورة و/أو السينما كأداة و/أو كغاية، لجعلها تخدم تمثلاته للحياة وللعالم، بل كوسيلة أيضا لجعله يشرح للعالم مدى قيمة ما يملكه من رأسمال مادي وغير مادي، عبر التاريخ، بالإضافة إلى أهمية خلخلة الصورة التي تصنعها سينما هوليود(3) وغيرها عن العرب كعنصر “عدواني” الخ. وهل أعددنا فعلا جمهورا مثقفا باحثا ومساهما ومروجا لهذا النوع المرغوب فيه، أم أننا لا زلنا بصدد جمهور بني على “ذوق” وقائعي؟.