“جمهور الوثائقي”: طبيعته وتوجهّاته

 
 
أمير العمري
 
الجمهور هو الهدف الرئيسي الذي يقصده الفيلم بكل أجناسه وأنواعه. ومن دون وجود جمهور للفيلم ، يصعب وجود الفيلم نفسه، حتى لو كان المقصد هو ما يسمى بـ “جمهور المهرجانات السينمائية” الذي يمكن أن يصل إلى عشرات الآلاف، كما أن هدف العروض المتنوعة للأفلام، بعد أن تنتهي دورة توزيعها المحدودة، وتذهب للعرض على شاشات التليفزيون أو تباع على أسطوانات مدمجة أو تصبح متاحة للمشاهدة بمقابل أو دون مقابل عبر شبكة الانترنت، هو الوصول إلى جمهور هذه الوسائط الذي يختلف بالطبع في توجهاته ومطالبه وأذواقه ومستواه التعليمي. 
 
ينبغي في البداية أن نحدد من هو “جمهور الفيلم الوثائقي”؟
 
ليس هناك جمهور ما يتطابق أفراده في انتماءاتهم الفكرية والسياسية، ناهيك عن خلفياتهم الثقافية والدينية والعرقية، هذا إذا كنا بصدد الحديث عن “جمهور الفيلم الوثائقي” بشكل عام وليس الجمهور العربي بشكل خاص، بل وحتى داخل الجمهور العربي نفسه توجد شرائح متعددة متباينة المستوى، يتوجه إليها الفيلم الوثائقي، ولكل من هذه الشرائح اهتمامات خاصة بها تجعلها تبحث عما تريده وتتوقعه من الفيلم الوثائقي.
 
الأمر الواضح أن الجمهور الذي يقبل على مشاهدة الوثائقي بشكل عام، داخل وخارج العالم العربي، يميل أكثر إلى الأفلام الوثائقية التي تتعامل مع القضايا والظواهر التي لا تنال اهتماما كبيرا من جانب الإعلام الرسمي السائد، أي تلك التي تبحث وتنقب في مناطق ومواضيع وقضايا يستغلق فهمها، أو لم تنل ما كانت تستحقه من تسليط الأضواء عليها في أجهزة الإعلام، لأسباب متنوعة قد يكون منها المحظور السياسي مثلا، كالكشف عما وقع من أحداث لايزال الكثير منها غامضا، أو لم يُكشف النقاب عنه، في الحروب العربية- الإسرائيلية مثلا، أو خلال الحرب العالمية الثانية، أو الحرب على العراق.