“نحن من هناك” فيلم للوثائقية يتوج بمهرجان القاهرة السينمائي

خاص – الوثائقية

بعد أيام من تتويج الجزيرة الوثائقية في مهرجان إدفا الدولي بأمسترام، وبعد سنة حافلة بالجوائز، تلمع أفلام الجزيرة الوثائقية من جديد، لكن هذه المرة بعيدا عن أوروبا البعيدة إلى الجوار العربي القريب، إذ توج مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال42 فيلم “نحن من هناك” -والذي تشارك الوثائقية في إنتاجه- بجائزتين هما “أفضل فيلم عربي” و “أحسن فيلم غير روائي”.

الفيلم من إخراج اللبناني “وسام طانيوس” وإنتاج “كريستيان عيد” وقد تم تصويره في ظروف استثنائية بسبب الاحتجاجات التي امتدت في مدينة بيروت خلال العام الماضي 2019.

وقد عُرض الفيلم لأول مرة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وشهد إقبالا كبيرا وإشادات واسعة لما تناوله من حياة شقيقين سوريين قررا عبور بحر إيجة بصورة غير شرعية، كلّ إلى وجهةٍ أوروبية مختلفة بعد اندلاع الحرب في سوريا، متسائلين عن المعنى الحقيقي للوطن.

 

الفكرة والتنفيذ

عندما علم المخرج اللبناني الشاب وسام طانيوس بعزم اثنين من أقاربه الهجرة بطريقة غير قانونية إلى أوروبا تنامى لديه هاجس الفقد وسارع بتوثيق كل لحظة تالية بكاميرته عله يحتفظ بداخلها بشيء من الذكريات إلى أن أصبحت لديه تسجيلات تكفي لصنع فيلم وثائقي.

في الفيلم يتناول المخرج قصة “ميلاد” المحب للموسيقى وخاصة آلة البوق والذي يعيش في دمشق ويعمل بتدريس الموسيقى للأطفال والذي أدرك أن بقاءه في سوريا لن يحقق أيا من طموحاته في حياة أفضل سواء اجتماعيا أو فنيا ليقرر السفر من خلال الاستعانة بمهربي البشر.

وفي بيروت يقيم أخوه “جميل” الذي يعمل في ساحة انتظار سيارات لكنه هو الآخر يتطلع إلى مستقبل أفضل ولا يريد أن يقضي بقية عمره لاجئا في بلد آخر خاصة أن هذا البلد يعاني أيضا من مشكلات اقتصادية وسياسية كثيرة.

المخرج وسام طانيوس
المخرج وسام طانيوس

 

وعلى غير المتوقع في مثل هذه الأفلام عن الهجرة غير الشرعية يقدم مخرجنا تفاصيل المغامرة كاملة عبر البحر المتوسط على الشاشة بالاستعانة بجميل الذي ظل يصور الرحلة بدءا من تركيا إلى اليونان إلى مقدونيا ثم صربيا والمجر وصولا إلى السويد.

وبينما استقر جميل في السويد وبدأ في العمل بمجال النجارة امتدت رحلة ميلاد إلى ألمانيا حيث أصر على تحقيق ذاته فنيا وبدأ في تقديم موسيقاه الخاصة.

لكن وصول ميلاد وجميل إلى أوروبا وبدء كل منهما حياة جديدة هناك لم يكتب النهاية السعيدة للفيلم لأن ما ركز عليه المخرج هو الثمن الباهظ الذي ظل يدفعه كلاهما مقابل قرار الهجرة وترك الأهل والوطن.

وبفضل شغف والد ميلاد وجميل بالتصوير منذ سنوات طويلة استطاع مخرج الفيلم توظيف مادة تسجيلية من أرشيف العائلة في الربط بين حياة الشابين حاليا والماضي الذي تركاه في دمشق حيث ورشة نجارة الأب التي تعلما فيها كل شيء تقريبا عن الحياة.

 

وظلت ورشة النجارة هي الرمز الذي يختصر معنى الوطن والذكريات في قلب ميلاد وجميل وكلما أرادا الاطمئنان على عائلتهما بحثا عبر تطبيق خرائط غوغل عن الورشة حتى يتأكدا أنها لا تزال موجودة ولم تختف من على الخريطة.

وبعد العرض الأول للفيلم في القاهرة، قال المخرج وسام طانيوس إنه ظل يتتبع مشوار ميلاد وجميل من 2015 وحتى 2020.

وأضاف: سعدت بردود الأفعال العالمية والعربية على الفيلم، فالقصة تعكس أفكارا تدور في ذهن الكثير من الشباب ممن تعاني دولهم من الحروب وعدم الاستقرار، فكل منا يسعى إلى توفير حياة كريمة ومستقبل أفضل.

يُذكر أن الفيلم عُرض ضمن مسابقة آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة في الفترة من الثاني إلى العاشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري كما اختير في العديد من المهرجانات الدولية البارزة مثل مهرجان روتردام السينمائي ومهرجان فيزيون دو ريل.