رمضان في روسيا.. طقوس واحتفالات

للإسلام في روسيا طعمه الخاص المختلف في دولة عاشت 70 سنة تحت “اللادينية”، فعدد المسلمين فيها يزيد عن تعداد عدة دول إسلامية مجتمعة، إذ يقدر بأكثر من 26 مليون مسلم، من بين أكثر من 145 مليون نسمة سكان هذه الدولة.

يسلط فيلم “رمضان في روسيا” الذي أنتجته الجزيرة الوثائقية الضوء على أحوال المسلمين ويومياتهم في الشهر المبارك، وهل لا يزالون يتعرضون للمضايقات التي طبعت أيامهم خلال العهد السوفياتي.

“الإسلام في روسيا يعني شيئا مختلفا”.. دين التجار والسفراء

يقول حسن فخر الدين إمام الجامع القديم: إن رمضان بالنسبة لنا هو شهر السرور والرحمة، وقد أنشئ هذا المسجد التاريخي عام 1823، واستخدمه التتار حتى عام 1936، وفي العام نفسه نفوا إمام الجامع، وفي عام 1992 وافقت الحكومة على إعادة فتحه، وأعيدت العبادات بمساعدة تركيا وغيرها من الدول.

ويشرح مصطفى كوتوكجو مساعد مفتي موسكو مقولة “الإسلام في روسيا يعني شيئا مختلفا”، فيقول: إننا في الدولة التي عاشت 70 عاما تحت اللادينية، وقبل تلك الفترة كان هناك تاريخ خاص للإسلام، فالناس يندهشون حينما يعلمون أنني مسلم قادم من روسيا، ولكن ما لا يعرفه كثيرون أن تاريخ الإسلام في روسيا قديم، فمنطقتا القوقاز وروسيا عرفتا الإسلام بواسطة التجار والسفراء المسلمين في زمن الخليفة الرابع في القرن السابع الميلادي.

يتعايش المسلمون جنبا إلى جنب مع الطوائف الأخرى في روسيا ذات العرقيات المتعددة

وأضاف أن هناك شيئا مثيرا آخر، وهو أن قبول الإسلام في المجتمع الروسي أقدم من المسيحية بكثير.

ويمثل المسلمون أكبر أقلية في روسيا، ولذا فقد أصبحت روسيا عضوا مراقبا في منظمة المؤتمر الإسلامي. وتوجد في موسكو -اليوم- الأسواق والجزارون ومحلات بيع الملابس النسائية الإسلامية، وتوجد أيضا مراكز لذبح المواشي وفقا للشريعة الإسلامية، وهناك مطاعم تقدم الطعام الحلال.

يقول صاحب أحد المطاعم التركية في موسكو: تركز قائمة طعامنا على الأطعمة التركية، إضافة إلى الطعام الروسي، فنحن نعد وجبة الإفطار في رمضان وخصوصا مع وجود جيراننا الأذريين والتتار الصائمين الذين يرغبون في تناول إفطارهم في المطعم، ولأن أطعمتنا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، لذا يفطر الأتراك والمسلمون الذين يعيشون في الجوار مطمئنين.

“كانت العبادات في العصر السوفياتي ممنوعة”

كانت موسكو مركز الدولة السوفياتية والمعسكر الشيوعي في الوقت الذي منعت فيه كل المعتقدات الدينية، فكانت قبلة اللادينيين على مدى 70 عاما. يقول أحد المسنين الروس: لم يكن ممكنا أيام الاتحاد السوفياتي العثور على لحوم حلال، لكن اليوم بات متوفرا في المتاجر ومراكز التسوق.

ويقول مسن آخر: كانت العبادات في العصر السوفياتي ممنوعة، أما اليوم فهي مسموحة، وفي وقتنا الحالي يتلقى الأطفال التعليم في كل مسجد، والمسلمون يزدادون.

وتعد موسكو -التي تمتد فيها المآذن حتى السماء- أكثر المدن ازدحاما في العالم، ففيها كثافة مسلمة تصل إلى مليونين ونصف المليون مسلم من بين 10 ملايين ونصف مليون نسمة يعيشون فيها. ولذا فقد بات الإسلام جزءا لا يتجزأ من روسيا، إذ إن هناك مسلما من بين كل 4 أشخاص تراهم في الشارع.

ويقول “كوتوكجو” مساعد مفتي موسكو: إن المسلمين الروس يعيشون رمضان بكل تفاصيله، فمن جهتنا في دار الإفتاء لدينا أنشطة تخص رمضان، في مقدمتها إعداد قائمة بأسماء المحتاجين من كبار السن واليتامى والأرامل الذين نقدم لهم مساعدات نقدية وغذائية.

خيم الإفطار.. عودة الشعائر الدينية إلى ميدان الكرملين

عادت إلى موسكو قبل 5 سنوات خيم الإفطار والموائد الرمضانية، ومن بينها خيمة تقام في ميدان الكرملين قرب مقر إقامة الرئيس الروسي، ويرى مساعد مفتي موسكو في هذه الخيم أكثر من تجمعات فقط لتناول الطعام، بل هي للتعارف بين أشخاص من طوائف وملل أخرى يتبادلون المعلومات ويتعرفون على بعضهم أكثر.

خيم الإفطار واحدة من طقوس شهر رمضان المبارك في روسيا

ويقول الشيخ “راويل عيد الدين” رئيس مجلس إفتاء روسيا إن روسيا القيصرية كانت تقيم علاقات مع دول أخرى بينها دول الشرق الإسلامي، ومن ثم فقد كان لزاما إنشاء بيوت خاصة للرسل والمترجمين والعمل والخدم الذين يتكفلون برعاية الضيوف المسلمين الكبار للدولة القيصرية.

وعليه فقد باتت موسكو – التي لم تكن سوى مدينة صغيرة في القرن الـ12، وتحولت اليوم إلى إحدى أهم المدن الأوروبية بعمق تاريخي يمتد حتى 850 عاما- مدينة متعددة الألوان، خصوصا أنه يمكن مقابلة وجوه من آسيا الوسطى في كل لحظة كالترك والأذريين والتركمان والأوزبك والتتار والقزاق والقرغيز والطاجيك والأفغان.

نمو الإسلام.. نهضة تغص بها المساجد في موسكو

يتحدث الكاتب الدكتور محمد قاسم أوغلو عن الحاجة للأتراك والإيرانيين والعرب لتنمية الإسلام في روسيا قائلا: في هذا المسجد بموسكو، يؤدي 18 ألف شخص الصلاة، مقارنة مع الماضي حين كان يأتي 5 أو 6 أشخاص فقط للصلاة، وثمة 95% من الشباب يأتون إلى المساجد، مما يشير إلى مستقبل براق.

وحسب الشيخ “راويل عيد الدين”، يوجد في موسكو 6 مساجد كبيرة، إضافة إلى 20 مسجدا صغيرا في أنحاء متفرقة منها، وحتى عام 1990 كان هناك جامع كبير في موسكو، واليوم يوجد فيها 6 جوامع بمآذن، بينها جامع إيران الذي يتردد إليه موظفو السفارة وعمالها والطلاب الإيرانيون، وهو مسجد للشيعة يجب أن يحصل مرتادوه على إذن للدخول إليه، أما المساجد الباقية فهي للسنة، والتردد عليها حر، غير أن عدد تلك المساجد ليس كافيا، ففي المطر والثلوج والهواء البارد يصلي المسلمون خارج المساجد التي تعد قليلة مقارنة بعدد المصلين.

يوجد في موسكو 6 مساجد كبيرة فقط، إضافة إلى 20 مسجدا صغيرا

ويروي الأشخاص الذين عاصروا الاتحاد السوفياتي كيف كانوا يُمنعون الناس من تأدية عباداتهم، ومن بين هؤلاء فضيلة شناسا قيزي التي تقول: كانت طفولتي في القرية، وكنت في عامي السادس، وأصوم مع أمي. كان المنع لكل شيء سائدا آنذاك وحتى المساجد ممنوعة، وقد نُفي والدي بسبب طلبه بناء مسجد.

وتقول فضيلة: زوج ابنتي كان شيوعيا، ويضع شعار الحزب الشيوعي على ملابسه، ولكنه كان يختبئ خلف نظارات سوداء، ويأتي إلى هنا ويصلي الجمعة. أما اليوم فقد أصبح هذا المكان مفتوحا بشكل دائم، لكل من يريد الصلاة والدعاء، وشهر رمضان يمر الآن بشكل طبيعي.

ويبدو أن الأيام الصعبة التي عاشتها فضيلة مضت وولت، وبات الإنسان لا يخاف من العيش مع الأديان، بل ويقضي شهر رمضان بكل سرور.

“نعيش في دولة متعددة الأديان والأعراق”.. جهود التعايش

كانت مساجد موسكو مفتوحة دائما، وكان القادة والزوار من الدول الإسلامية يصلون فيها أيام الاتحاد السوفياتي، وفي أيام الجمع والأعياد كان المسلمون يملأون الشوارع المحيطة بالمساجد. ورغم توسعة مسجد موسكو الكبير الذي بات يتسع لـ20 ألف مصل مرة واحدة، فإنه لا يزال غير كاف.

يقول الشيخ “راويل عيد الدين”: تقام اليوم دورات في كل مسجد لتعليم القواعد الإسلامية، ولدينا مدارس في مساجدنا تعمل يوم الأحد، وفي هذه المدارس يحصل الطلاب وأولياؤهم على تعليم أساسه الدين والثقافة الإسلامية، وهناك دورات إعداد لتعليم العربية والتركية والتتارية، أما الراغبون بتعلم المزيد من الدين فيسمح لهم بذلك، يجب أن تكون هناك مؤسسات تعليمية إسلامية رسمية.

وقد بذلت روسيا في السنوات الأخيرة جهودا للتعاون مع العالم الإسلامي، كما أنشأت قناة ناطقة باللغة العربية، ويلعب المسلمون دورا بارزا في كل هذه التطورات الإيجابية. وتشير التقديرات إلى أن المسلمين سيشكلون ثلث سكان روسيا عام 2050، إذ أن ولادات العرق الروسي في تراجع، وهذا ما لا ينطبق على المسلمين داخل الاتحاد الروسي.

يعيش في روسيا أكثر من 26 مليون مسلم

ويؤكد الشيخ “راويل عيد الدين” أن المسلمين في روسيا متسامحون ومنفتحون على الحوار والتعاون، إذ يقول: نحن نعيش في دولة متعددة الأديان والأعراق، فمنهم المسيحيون الأرثوذكس والبوذيون واليهود وغيرهم من منتسبي الأديان الأخرى، وكلهم جيران، ولهذا السبب فالمسلمون منذ الأزل يعيشون ويتعاونون مع الجميع، واليوم تقوم هيئة شؤون الديانة الإسلامية بتطوير التعاون والحوار لترسيخ السلام والاستقرار والصداقة بين الشعوب التي تعيش في دولتنا، ونحن نعمل ضمن إطار هيئة الأديان الروسية، ونعقد اجتماعات لتطوير الحوار، ويعرض الجميع مشاكله على الطاولة بغية إيجاد الحلول.

وتوجد في روسيا أماكن مناسبة يقضي المسلمون أوقاتهم فيها، ففي المركز الثقافي التتاري مثلا، تعطى فصول للغات الأجنبية والرسم والسباحة.

ويقول الكاتب “آنار رمضان” إن قدوم شهر رمضان يشعرنا بالغبطة والسرور، إذ عندما يأتي في فصل الصيف تكون ساعات الصيام طويلة، نحاول التخفيف منها عبر الأنشطة، فبعد تناول الإفطار معا نذهب إلى الصلاة، وبعدها التراويح، ونحاول دعم بعضنا وتبادل الهدايا.

حرية المعتقد.. فجر ديمقراطي بعد ليل شيوعي طويل

أغلقت الدولة في العصر الشيوعي المساجد وحولتها إلى مخازن، كما ألقي القبض على علماء الدين ونفوا، ومع ذلك لم تنفع كل الضغوط المختلفة في إبعاد المسلمين عن دينهم، بل إن الشعب في روسيا يتجه إلى الدين بكثرة.

وبينما لم يكن هناك مركز تعليم إسلامي واحد يخرّج الأئمة والخطباء إبان العهد السوفياتي، توجد اليوم مئات المعاهد والمدارس والجامعات الإسلامية، وهذه المؤسسات تخرج متخصصين في خدمة الدين.

ويقول الشيخ “راويل عيد الدين” مفتي موسكو: قاوم النظام التسلطي بضراوة المعتقدات الدينية في زمن الدولة السوفياتية، ولم يكن يسمح بطباعة القرآن والكتب الدينية أو انخراط الأطفال بدورات إسلامية، فكل هذا كان ممنوعا. ومع التغييرات الديمقراطية في النظام، وافقت الدولة على قانون جديد يتضمن حرية المعتقد وإنشاء المؤسسات الدينية.

في حقبة الشيوعية، عاش المسلمون اضطهادا دينيا منع عنهم كل أشكال التدين

فإنشاء الجامعة الإسلامية في روسيا عام 1998 وارتفاع عدد مساجد تتارستان من 18 إلى أكثر من ألف؛ ما هي إلا نماذج توضح نمو الإسلام في روسيا، ففي روسيا التي كانت قلعة الشيوعية يوما، بات الإسلام فيها يتردد صداه في كل مكان.

ويعود الدكتور رفيق محمد رئيس الجامعة الإسلامية في قازان بالذاكرة إلى العهد السوفياتي، ليروي كيف كان صعبا على المسلمين والإسلام، خاصة، إذ يقول: أعلنت السلطة السوفياتية منذ البداية عن أيديولوجيتها الإلحادية في العشرينيات من القرن الماضي، فأغلقت معظم المساجد في تتارستان، ولكن هناك إحصائية مثيرة، إذ بحث علماء الاجتماع عن تدين الناس بتتارستان في حقبة السبعينيات في قمة العهد السوفياتي، فتبين أن نسبة المؤمنين أكثر من اللادينيين، وبينما كان المتدينون 15% فقط، كان عدد غيرهم 10%، مما يعني أن التقاليد الدينية حافظت على نفسها في العصر السوفياتي.

انهيار السوفيات.. دخول أفواج الروس إلى الدين الحنيف

بعد الانهيار المعنوي الذي تسبب به النظام الشيوعي، فهم الشعب الروسي أن الإنقاذ الحقيقي يمكن أن يأتي عبر التوجه إلى الدين. وينتشر الدين الإسلامي كدين تقليدي في المناطق الجنوبية للاتحاد الروسي وخاصة منطقة القوقاز، ففي السنوات التي اشتدت فيها الحرب مع الشيشان؛ وصف الإعلام الروسي المسلمين بالإرهابيين، ولكن هذه الحملة السلبية جاءت بنتائج عكسية، فزادت من أعداد المسلمين في البلاد.

واللافت للنظر في هذه المرحلة هو تغيير الدين بين الروس، وعلى الرغم من صعوبة الادعاء بأن هناك زيادة في أعداد الذين دخلوا الإسلام، ولكن من الواضح أنه كان هناك سير في هذا الاتجاه، والكل يعترف بصحة هذا الادعاء.

موقع جمهورية تتارستان إحدى دول الاتحاد السوفييتي سابقا على الخريطة

وهناك أيضا زيادة في أعداد العائدين إلى العبادة ممن ينتمون إلى عائلات مسلمة، فمنهم من اتجه إلى العبادات كرد على الهجوم الذي تعرض له الإسلام، فهو لا يحتاج إلى الواسطة، كما هو الحال في المسيحية، لذا فإنّ توجه الروس إلى الإسلام سهل، كما أن الراغبين بالتخلص من العادات الضارة كشرب الخمور يجدون ضالتهم في الإسلام.

ويكشف الدكتور رفيق محمد، أن المسلمين يعيشون في بلاد مختلطة، وبجوارك أناس ينظرون بشكل مختلف للحياة، ولهذا يعد العيش في روسيا بشهر رمضان “امتحانا كبيرا لإيماننا واعتقادنا، لأن كل شيء مفتوح ومباح”.

إمارة تتارستان.. تاريخ من الصراع ضد القيصرية والاتحادية

مدينة قازان هي عاصمة جمهورية تتارستان، وهي إحدى المدن التاريخية في روسيا، وكانت في القرنين الـ12 والـ13 الميلاديين جسرا هاما للتجارة في نهر الفولغا، كما كانت مركزا حساسا جدا على طريق التجارة الممتد بين الدول الإسكندنافية وإيران. ويغلب عليها الطابع الإسلامي، لأن معظم سكان المدينة من المسلمين التتار ومن بعدهم يأتي الروس الأرثوذكس، وفيها أقليات من شعوب مختلفة أيضا.

وقد أعلنت جمهورية تتارستان استقلالها عام 1990، إلا أن هذا الاستقلال لم تعترف به موسكو وظلت مرتبطة بروسيا الاتحادية، ويبلغ عدد سكانها نحو 4 ملايين نسمة وهي دولة غنية بالبترول والمعادن، وتقع في المنطقة المسماة “روسيا الداخلية”، إذ تقع موسكو على بعد 700 كيلومتر من هذه المنطقة التي تصل مساحاتها إلى 68 ألف كيلومتر مربع، وتأخذ هذه المنطقة مكانها في نقطة تلاقي نهري إيديل وقاما.

قازان عاصمة جمهورية تتارستان التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي سنة 1990

ويتجاوز عدد سكان منطقة “روسيا الداخلية” 7 ملايين، ويوجد ربعهم في تتارستان كما يطلق اسم تتارقازان وتتارإيديل على التتار الموجودين في المنطقة.

ويتحدث عن ذلك الدكتور فريد يوسف أستاذ جامعة الدولة بقازان، قائلا: التتار كشعب لم يأت من الخارج إلى هنا، بل هم الذين بنوا المدينة قبل ألف سنة، فهي عاصمتنا وفخر لكل الشعب التتاري، وقد عاشت إمارة قازان عدة قرون، وفي عام 1952 سيطر الروس عليها، وكان ذلك مأساويا لكل التتار، فبعد ذلك التاريخ لم تقم دولة للتتر الذين باتوا جزءا من الدولة الروسية، وتتارستان اليوم قطعة من الاتحاد الروسي، وبحسب الأرقام، فإنها المنطقة الأكثر تطورا في هذا الاتحاد.

ولم يعرف التتار الراحة في أي وقت، فقد عاشت إمارة قازان أصعب أيامها على مدار 3 قرون بعد إلحاقها بروسيا القيصرية، ولا يمكن القول إن التتار كانوا سعداء في الدولة الروسية، واليوم ورغم وضعهم الاقتصادي المقبول يمكن تعليم أولادهم في المدارس بالتتارية، ولكن مجلس الدوما الروسي اتخذ قرارا بأن يكون التعليم بالروسية على أن تعطى دروس محدودة في التتارية.

ثمة 13 جامعة يدرس فيها 70 ألف طالب، في مقدمتها جامعة قازان التي تأسست عام 1804، وهي ثاني أكبر جامعة في روسيا الاتحادية. وفي القرن الـ18 وفي ظل الضغوط الاقتصادية والدينية التي فرضها الروس على التتار، هجروا بلادهم اضطراريا إلى “باش قيردستان” والأورال وما خلفهما.

وفي عام 1974 وبعد انتهاء ثورة “إميليان بوغاتشيف”، حصل التتار على بعض التسهيلات الدينية والتجارية، وبموجب بيان صادر عام 1789، أنشئ قسم للإفتاء في “أورال برغ”، واعترف الروس رسميا بالإسلام، وقد استمر هذا الاعتراف لنصف قرن فقط، حين انتفض التتار بشكل محدود عام 1860 ضد سياسة تنصير دولة تتارستان، وعندها تفرق البعض منهم نحو مناطق مختلفة في مقدمتها الأناضول التركية.

دخول الإسلام.. قارب إنقاذ الأبناء من الانحراف والإدمان

يقول مدير الجامعة الإسلامية في قازان متحدثا عن خصوصية رمضان: مع الأسف لا يوجد فرق بين شهر رمضان وباقي أشهر السنة في تتارستان، فقد أجرى علماء الاجتماع دراسة حول شهر رمضان فيما يتعلق بفواتير بيع المشروبات الكحولية، فوجدوا أن معدلات البيع لم تتغير، وهذا أمر محزن بشكل كبير، فـ60% من سكان تتارستان من المسلمين، والبعض منهم ينظر إلى رمضان كشهر مقدس وآخرون لا يدرون أصلا عن رمضان.

وتنتشر المؤسسات التعليمية الإسلامية في كل مكان بروسيا الاتحادية، غير أن اللافت هو عدم إيجاد حل لعدد من المشاكل، مثل البرامج والتعامل الأكاديمي وقواعد التدريس والكتب الدراسية والمناهج ومشاكل المدرسين، ويبدو أن هذه المشاكل تحتاج وقتا طويلا لتسلك طريق الحل، ولهذا ينتظر المسلمون الروس الاهتمام والعون من الدول الإسلامية.

الجامعة الإسلامية في قازان

لقد كان الانهيار المعنوي والأخلاقي في المجتمع الروسي سببا لتوجه الناس بشكل جماعي إلى الدين الإسلامي، فقد رأت العائلات الراغبات بحماية أبنائها من شرب الكحول والسلوكيات المنحرفة وصفة علاجية في الإسلام.

ويبلغ عدد المسلمون الروس اليوم 26 مليونا يشكلون 15% من سكان روسيا، مع مراعاة أن أغلبهم ليسوا مهاجرين أو أجانب كما هو حال دول أخرى، فالمسلون يعيشون في هذه البلاد منذ نحو ألف سنة، هذه الوضعية تعطي الثقة للمسلمين الروس وتحملهم مسؤولية في الوقت نفسه.