“القرآن بأصواتهن”.. تاريخ الحنجرة النسائية في مدرسة التلاوة المصرية

يسرد لنا التاريخ بفصوله المتشعبة دخول عدد لا بأس به من مقرئات القرآن الكريم ساحةَ التلاوة المقدسة، لكل منهن حكاية لا تشبه ما يماثلها، لكن ما يثير الأنظار حقا هو تلك الرواية المتداولة عن القارئة أم محمد، فقد شاءت أقدار حياتها أن ترى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، من تقدير ومحبة واسعين المدى، منبعهما رسوخ مكانتها في قصر الوالي محمد علي باشا، فقد جاء مرسومه الآمر بعد رحيلها، بإيداع ذكراها في مقبرة مؤسسة خصيصا لمواراة جثمانها.

هذا ما تخبرنا به المصادر المتعاقبة، وهي إن كشفت عن شيء، فلا أقوى من رمزية ما تمتعت به هذه المقرئة من جلال وهيبة، تتناسب تلقائيا مع عظمة النص القرآني، فتلك الأقصوصة المتوارية بين سجلات التاريخ، تشير بطريقة أو بأخرى إلى الحضور الفعلي للمقرئات النساء، فيا تُرى أين اختفى حضورهن؟ وإذا ثبت بالأدلة القاطعة البقاء الراسخ لهذه الظاهرة، فلماذا لم تدركها ذائقتنا السمعية؟

يتصدى لتحليل هذه الظاهرة الفريدة في تاريخ مدرسة التلاوة المصرية والعربية، الفيلم الوثائقي “القرآن بأصواتهن”، وهو من بحث ودراسة عبد الرحمن الطويل، وإخراج محمد ممدوح، وقد عرضته قناة الجزيرة الوثائقية.

رسم تعبيري للمقرئة الشيخة مبروكة، أول من سجلت القرآن بصوتها على أسطوانة

فالواقع أن الندرة التي تحكم تداول تسجيلات القراءة للمقرئات، تفصح عن السطوة الرجالية على ساحة التلاوة، لكن ثمة ما يسعى لإرساء بصمة مغايرة عن المألوف، فالأزمان بين مرورها المتدفق تترك بين حين وآخر صوتا نسائيا، يتلو ما تيسر من آيات الذكر الحكيم، لتزيح تلك الاكتشافات الشحيحة الستار عن سعي دؤوب، لاقتناص ما يكفي لإثبات أحقية القول القرآني الذي لا تقف حدود ترتيله على جنس دون آخر، فلا فرق بين هذا وذاك، هكذا أخبرتنا التعاليم الفقهية التي تشكل المساواة ركنا أساسيا في أحكامها.

خمسون دقيقة هي ما تمثله الرقعة الزمنية لفيلمنا، ننطلق من خلالها في رحاب رحلة ممتدة الأطراف والزوايا الفكرية، تدور جميعها في فلك البحث والتنقيب عن علامات وشهب هذه الظاهرة، لا سعيا لتدوين سيرة ذاتية موثقة المعلومة لهؤلاء المقرئات، أو ما يعرف في الأدب العربي بالتراجم، بقدر ما هي رغبة حقيقية في تقديم قراءة متباينة عن السائد، لعوالم مدرسة التلاوة المصرية التي تحوي بين ثناياها قبسات تاريخية، لا تزال في حاجة إلى الرصد والتأويل.

رصانة التقليدي وبلاغة الحداثة.. حرفيات أسلوبية

كاميرا لاهثة تلتقط في طريقها المتسارع الخطو بعض النباتات، ثم تنتقل للزاوية المجاورة، لتكشف عن طريق سفر مشرع الامتداد، وتشير اللافتة الزرقاء إلى الاقتراب من محافظة دمياط، التي تبعد عن القاهرة نحو 300 كيلومتر. بعد مرور هذه الدقائق، ينساب التعليق الصوتي، فيخبرنا عن وجهته المؤطرة نحو منزل الشيخة نوال الرفاعي، التي ذاع صيت تجويدها الرائق على منصات التواصل الاجتماعي.

المقرئة كريمة العدلية أمام ميكروفون الإذاعة المصرية

وبعد ثوان معدودات نجد أنفسنا في براح منزل الشيخة نوال، وبعد تجهيزات الكاميرا ينطلق صوت الشيخة، فتكشف نبراته الوقورة عن السمات الأولية لنشأتها في ربوع نور القرآن الكريم، فقد اختار السرد بهذا المفتتح أن يبدأ مشاهد الأولى، وهي أشبه بميثاق سردي بين صانع العمل والمتفرج، يتعهد فيه طرفه الأول على الالتزام بمقاليد البحث العلمي الدقيق، وتقديم توليفة حكائية تبعث على التفكير والتأمل من الطرف المقابل.

وللوصول لصيغة تعبيرية ملائمة عن الموضوع، يلجأ الإخراج إلى الاستعانة بالمشاهد المصورة، ومشاهد الأرشيف القديمة المحسنة جودتها، وبعض الرسوم التعبيرية، ثم يدمج كل هذه العناصر في بوتقة واحدة مع التعليق الصوتي، وبذلك نصبح أمام أسلوبية سردية تجمع بين حداثة السرد ورصانة الأسلوب التقليدي للأفلام الوثائقية، الذي لا ينضب معين جاذبيته، كل منهما يختلط بالآخر في وحدة عضوية واحدة.

الشيخة المقرئة نوال الرفاعي، التي ذاع صيتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي

ولتكتمل وصفة هذا المزيج، يتكئ السرد في بلورة عوالمه على الإفصاح عما يطمره من أزمنة متعدد محتواها، تدور رحاها بين الماضي بثرائه المبين، ومحدودية الحاضر المعاصر، ويتقاطع هذان الزمنان من غير أن يطغى أحدهما على الآخر، فيكشف ذلك عن تلال هائلة من المعلومات الغني مضمونها، لا عن المقرئات الخالدات الذكر فحسب، بل عما يحيط هذه الظاهرة نفسها من إشارات ودلالات ما زالت قيد البحث والدراسة.

عصر التسجيل.. حناجر ذهبية تقتحم أسفار الخلود

يستكمل التعليق الصوتي كلماته المنسابة عن الشيخة نوال الرفاعي، وحينها ينطلق السرد في تفعيل منظومة البحث والتحليل عن هذه الظاهرة النادرة التناول، وهنا يصحبنا الفيلم في رحلة بين غابات وأضابير الأرشيف المصري والعربي، فتطالعنا المشاهد التمثيلية والواقعية للباحث عبد الرحمن الطويل، بينما هو ينبش في أكوام الكتب والمجلات القديمة، بحثا عن قبسات متناثرة عن الموضوع محل الدراسة.

صورة أرشيفية للمقرئة سكينة حسن، التي غنت أيضا بعض الأغاني بجوار تلاوتها للقرآن الكريم

هكذا يدخلنا الفيلم شيئا فشيئا في العوالم غير المطروقة لهؤلاء المقرئات، وكانت بدايتهن في القرن الثامن عشر. وذلك ما ألمّ الباحثون بحيثياته التاريخية، أما قبل ذلك، فلا يعلم أحد على وجه الدقة هل كانت للظاهرة روافد أخرى سابقة، أم أن هذا التاريخ المذكور هو البداية الحقيقية لانطلاقها.

ويواصل السرد السلس المتدفق الإيقاع تقديم معلوماته الغنية وتوزيعها بالعدل على المسار الزمني للفيلم، فكلما توغلنا للأمام أزيح ستار الغموض أكثر فأكثر، فالمصادر التاريخية -على كثرة تنوع دروبها- لم تفصح بالصورة الكافية عن هذه الظاهرة، صحيح أن هنالك ذكرا يسيرا لبعضهن، لكن المؤكد بعد الدراسة المستفيضة أن ثمة مقرئات أغفل الزمن ذكرهن، والسبب إنما هو انتفاء المقدرة العلمية على تسجيل المقاطع الصوتية، فكانت هنالك كنوز قرائية ضلت طريقها إلينا، سواء للمقرئات النساء أو المقرئين الرجال، فالجميع سواسية في هذه المعضلة.

الشيخ محمد سليم، أول مقرئ يسجل القرآن بصوته على أسطوانة عام 1906

يقول الباحثون إن عام 1906 شهد أولى محاولات تسجيل تلاوة القرآن الكريم على أسطوانة حجرية، وذلك لصوت القارئ الشيخ محمد سليم، وبعدها تواترت شركات الأسطوانات الموسيقية على تسجيل تلاوات القرآن الكريم، ولا سيما النساء تحديدا.

ويفصح الفيلم عن قبسات من تلك الترتيلات، فيسمعنا أصوات مقرئات أدار المجتمع وجهه عنهن، منهن الشيخة مبروكة، وهي صاحبة أول تسجيل قرآني نسائي، والشيخة ودودة المنيلاوية، والمطربة والمقرئة سكينة حسن، وغيرهن من الأسماء التي لمعت في تلك الفترة، وهي إن دلت على شيء، فإنما تدل على التنوع والزخم الثقافي الذي عاصرته الحياة الاجتماعية، بين أواصر هذا الزمان العابر.

منافسة القراء والقارئات.. تنوع ثقافي يختزنه تاريخ القراءة

يتكئ الفيلم في سرده على البحث بين تلال الأرشيف، وما تخبئه أخباره من دلالات قد تبدو -بقليل من التبصر- أكثر عمقا من مظهرها الأحادي، ولأن كل ظاهرة قيد الدراسة والتحليل، ينبغي الوقوف على ما يوازيها من أبعاد تاريخية واجتماعية، فإن الفيلم لا يبخل على المتلقي بتقديم ما يكفي ويفيض من الأدلة التاريخية عن الموضوع المراد إبراز عناصره.

صورة أرشيفية للقاهرة في بدايات القرن العشرين

وفي هذا الإطار، تصحبنا مشاهد الأرشيف المرممة إلى مصر القرن التاسع عشر وبدايات القرن اللاحق، فتكشف عما تكنه هذه الفترة السابقة من أصالة لا تخطئها عين المتفرج، هذا ما يطلعنا عليه شريط الصورة، وتقابله على شريط الصوت تلاوات قرآنية خاشعة لعدد من المقرئات، نجح الزمن في اقتناص أصواتهن من غياهب النسيان.

في هذا الشق السردي، يعود بنا الفيلم إلى الزمن الماضي، فيكشف عن فائض من الاختلافات الجوهرية والثقافية مع المجتمع الحالي، أبرزها قبول الأصوات النسائية في الترتيل القرآني، فما كان مقبولا في أزمنة سابقة، يبدو مستهجنا في مسارات لاحقة، فهكذا تدور قواعد اللعبة التاريخية، فالتعليق يخبرنا أنه بين جدران هذا الماضي البعيد، جرت وقائع منافسة مشتعلة الأجواء، بين القارئ شلبي طوبار والمقرئة زوزو، وقد كانت الغلبة فيها لصالح الشيخ شلبي.

تُرى، هل يمكن إجراء منافسة مماثلة في زمننا الآني؟

المقرئة كريمة العدلية أمام ميكروفون الإذاعة المصرية

يجيب الفيلم ضمنيا على هذا السؤال، فالواقع أن ما كان يدور في رحى الماضي هو رهينة هذا الزمان، ولا يجوز تداوله أو القبول به في معية زمن مغاير، فمعايير قبول الآخر وما يرافقها من نظريات التنوع الثقافي، بلغت في السابق درجة غير مسبوقة، ساهمت في تطوير الظاهرة بشكل صحي وسليم البنيان، تكشف مجلة الإذاعة عنه بخبرها الذي دونت فيه جدول القراءات القرآنية، وبين شعاب الأسماء يطالعنا اسم المقرئة كريمة العدلية التي احتفت الإذاعة بوجودها بين هذه الكوكبة من المقرئين.

ليس هذا فحسب، بل إن الخبر يستطرد ويشير إلى الإعلان عن حفلة غنائية لذات المقرئة، ففي تلك الأثناء، لا مجال للتعارض بين الغناء العاطفي الرصين، والتلاوة القرآنية، بل إن ما دأب عليه العُرف هو إتقان المقامات الصوتية بمحاذاة أحكام التلاوة.

قراءة المطربات.. آيات قرآنية مبثوثة في ثنايا أفلام السينما

لا يكتفي الفيلم برصد الملامح العامة لمقرئات القرآن الكريم، بل يعمد إلى تقديم صورة متكاملة عنهن، فيضع تلك الأصوات أمام منصات الحكم التي لا تخرج عن شقين لا ثالث لهما، أولهما يتابع مدى الالتزام بأحكام التلاوة التي تظهر بجلاء في النطق السليم للأحرف والكلمات، أما الشق الثاني فيستعير قواعد المقامات الصوتية للوصول إلى حكم يقيني بجودة الصوت من عدمه.

من فيلم “الله معنا”، حيث المقرئة منيرة عبده تتلو آيات من القرآن الكريم

وهنا يكشف الفيلم بين طياته عن رغبة المطربة أم كلثوم في ترتيل القرآن الكريم بصوتها، فقد نشأت الفكرة في ذهنها بعد قراءتها مقطعا من سورة إبراهيم، بين أحداث فيلم “سلامة” الذي أُنتج عام 1945، فتلك محاولة منها لاكتشاف ردود أفعال المؤسسات الرسمية.

ولم تقف حدود طموحها عند هذه النقطة، بل إنها استعانت بصديقها المقرب الصحفي مصطفى أمين، فسخّر صفحات مجلة آخر ساعة لاستطلاع آراء الشيوخ والفقهاء، لكن مع كل هذه السياقات المتداخلة، فإن التجربة ظلت حبيسة الأدراج، ويحدثنا السرد عن جلسات بين أم كلثوم والموسيقار رياض السنباطي، كانت ثمرتها تلك التسجيلات الصوتية لآيات سورة الرحمن بصوتها، لكن الخوف من الإفصاح عنها جعلها قيد الحيازة الجبرية.

المطربة وردة الجزائرية وهي تتلو بعض آيات الذكر الحكيم، في فيلم “ألمظ وعبده الحامولي”

يواصل الفيلم سردياته المتعاقبة عن قارئات القرآن الكريم، فيطلعنا على أحد مشاهد فيلم “ألمظ وعبده الحامولي” (1962)، وفيه نسمع ترتيل المطربة وردة الجزائرية لبعض الآيات، مما يثبت أن السينما وسيلة توثيقية ساهمت في الاحتفاظ بقبسات من هذا التراث المنزوي، ولا أبلغ من مشهد تلاوة الشيخة منيرة عبده في فيلم “الله معنا” (1955)، فهذا المشهد هو الإرث الوحيد الباقي لهذه القارئة العتيدة.

منزل المقرئة منيرة عبده في القاهرة

هذا ما تكشفه لنا الأزمنة السابقة، عن رسوخ معلمات مدرسة التلاوة، من المقرئات، لكن هل يملك الحاضر قدرا -ولو يسيرا- من وفرة الماضي؟

القرآن بأصواتهن.. ثورة تحيي القراءة النسائية في وسائل التواصل

لكل ظاهرة منبع حضورها، وأبواب غيابها التي ستتوارى خلفها، وبناء على هذه الفرضية، انطلقت في أربعينيات القرن الماضي دعوات تحريم التلاوة النسائية للقرآن الكريم، وعندها خسرت الإذاعة المصرية حضور هؤلاء المقرئات، لكن ما يثير دهشة الباحثين وحزنهم في نفس الآن، هو ندرة التسجيلات الصوتية لهن، فلذلك لم يصل إلى أسماعنا سوى نتف يسيرة من هذا التراث، وهنا يخبرنا السرد بأن دولة التلاوة النسائية ظلت قائمة على الدوام والاستمرار حتى يومنا هذا، متحدية كل محاولات المنع المتكررة دونها.

وفي هذا السياق نلاحظ ديمومة الظاهرة ذاتها، فقد ساهمت وسائل التواصل الحديثة والمنصات الإلكترونية في حفظ ما بقي من إرث قرائي من ناحية، والمساهمة في صعود وبزوغ مقرئات جدد على الساحة القرائية من ناحية أخرى، استغلالا لما تتميز به هذه الوسائل من قوى دافعة للانتشار.

مجلة آخر ساعة، والسؤال عن شرعية ترتيل أم كلثوم للقرآن الكريم

ويطلعنا الباحثون أن ظاهرة التلاوات النسائية ظلت حاضرة في الثقافة العامة، مع كل محاولات الطمس الرسمية، مما يثبت أن الأوساط الشعبية تملك من البراح الفكري ما يفوق مزاج وأهواء السلطات الرسمية، التي تصدر علانية أحكامها، مستندة على ركائز لا يدرك سواها مغزى أفكارها.

ترافقنا الكاميرا بين آراء الباحثين، وقد اتفقوا على الحاجة لإضفاء رداء الشرعية الدينية على التلاوة النسائية لآيات الذكر الحكيم، فمع تطور مفاهيم العصر ودوران عجلة الزمن للأمام، تتماهى الفروق الجوهرية بين الحضور الرجالي والنسائي، فعودة المقرئات للساحة الإذاعية، يبدو –عند البعض-أمرا اعتياديا، وهذا ما يرغب الفيلم في قوله، فأحقية الترتيل والقراءة القرآنية لا تخضع لسياقات التفرقة بين الجنسين.

وهكذا يواصل الفيلم سرده السلس، متخذا غواية الأرشيف متكئا سرديا له، استلهاما لجاذبية الماضي وسحر التاريخ الأشبه بالمغارة المدججة بالكنوز المعلوماتية، فمع أن الإطار الزمني للسرد محصور، فإن أكوام المعلومات التي تنضح عبر هذا السياق الضيق نسبيا، لا تبعث على التأمل والتفكير فحسب، بل على مواصلة البحث والتنقيب في معالم هذه الظاهرة الفريدة.

البحث في الأرشيف عن تاريخ مقرئات القرآن الكريم

فقد اعتمد الفيلم في بنائه على التوليف الفعال بين تسلسل الأفكار المنسابة بهدوء والتعبير الشكلي، ويتجلى ذلك في الاندماج بين العناصر البصرية والصوتية التي تصبغ الفيلم بعذوبة وشاعرية، تتناسب مع جلال وعظمة القرآن الكريم الذي حفظه المولى عز وجل، بحكم قوله ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

بعد كل ما ذكرنا عن تاريخ المقرئات القدامى للنص القرآني، تُرى هل تغيرت مشروعية قبول الأصوات النسائية في حضرة التلاوة المقدسة عند الفقهاء اليوم؟