“أنجلينا جولي”.. الميلودراما التي تسكن نجمة هوليود

بعد ولادتها بعام واحد انفصل والداها، وحصلت الأم على حضانة “أنجلينا” وشقيقتها، وتوقفت عن عرض الأزياء والتمثيل لتوفر لهما الرعاية اللازمة، بينما تفرّغ الأب وهو النجم الحاصل على الأوسكار “جون فويت” لعمله في السينما، وفي الرابعة عشر من عمرها سألتها الأم عن المهنة التي تحلم بها فقالت: أريد أن أصبح مُتعهدة لدفن الموتى في الجنازات الصغيرة.

لم تكن تلك الإجابة هي أغرب ما في الطفلة، فقد شكلت في الحادية عشرة من عمرها عصابة من البنات للاعتداء على الصبيان، كما كانت تربي ثعبانا وسحلية بدلا من قطة أو كلب كما يفعل أقرانها في المجتمع الأمريكي. لكن الفتاة غريبة الأطوار كبرت وحصلت على ثلاث جوائز “غولدن غلوب”، وجائزتين من نقابة ممثلي الشاشة، وجائزة أوسكار أفضل ممثلة دور ثان وأخرى شرفية.

كما عُرفت بأعمالها الخيرية الكثيرة، واختيرت عدة مرات لجائزة المرأة الأكثر تأثيراً على مستوى العالم.

الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي جمعت في شخصيتها الكثير من التناقضات

سفيرة النوايا الحسنة.. بصمات وتناقضات

جمعت الممثلة الأمريكية “أنجلينا” جولي في شخصيتها العديد من التناقضات، كما عاشت حياة يلفّها الحزن والميلودراما، فيما وضَعَها نجاحها المهني في مكانة كبار النجوم، ولعلها النجمة الوحيدة في تاريخ هوليود، بل ومن بين القليلات من النساء في العالم اللاتي وافقن على استئصال الثدي، بعد أن ثبت أن نسبة إصابتها بالسرطان قد تتجاوز 87%، وذلك نتيجة “جين” مشوّه ورثته عن والدتها التي رحلت عن عمر 56 عاما نتيجة إصابتها بمرض السرطان.

حققت “أنجلينا” شهرة عالمية كممثلة لا تفوقها إلا شهرتها كإنسانة ذات بصمات واضحة تجلت في تبنّيها لعدد من الأطفال من جنسيات مختلفة، وتبرعها بسخاء للمنظمات ذات النشاط الخيري في زياراتها لمناطق الأزمات في العالم سواء في أفريقيا أو في آسيا، وهو ما دفع الأمم المتحدة لمنحها منصب سفيرة للنوايا الحسنة.

أنجلينا جولي في فيلم “لارا كروفت”

“لارا كروفت”.. التربع على عرش هوليود

رغم البداية المبكرة في عالم الشهرة، إلا أن صعود نجمها في هوليود بدأ عام 1997، وذلك حين قدمت دور “كورنيليا والاس” في فيلم “جورج والاس” الذي كان من بين السياسيين الأمريكيين المؤيدين للفصل العنصري.

استمرت “أنجلينا” في الصعود، لكن قناعتها الخاصة بموهبتها دفعتها لخطوة مختلفة استطاعت من خلالها أن تُصبح نجمة عالمية، وذلك من خلال فيلم “لارا كروفت تومب رايدر” في عام 2001، وهو فيلم حركة مأخوذ من لعبة الفيديو “تومب رايدر”، وشاركها البطولة والدها جون فويت، وإيان غلين ودانيال كريج.

قوبل الفيلم بهجوم نقدي، لكنه حقق إيرادات بلغت 275 مليون دولار، وعُرفت “أنجلينا” من وقتها على أنها نجمة أفلام حركة في مختلف أنحاء العالم، وفي السلسلة نفسها قدمت فيلم “لارا كروفت تومب رايدر: مهد الحياة” عام 2003. يبدأ الفيلم في جزيرة باليونان خلال حفل زفاف، وفي أثناء حفل الزفاف يقع زلزال قوي يتسبب بالكشف عن معبد “لونا” الذي بناه الإسكندر الأكبر لكي يحفظ كنوزه الثمينة به، ومن بين هذه الكنوز جرم سماوي متوهج. وحقق الفيلم 157 مليون دولار أمريكي.

أنجلينا جولي رفقة براد بيت ومجموعة من الأطفال

“براد بيت”.. لا زوج بعده

لم تكن حياة الممثلة الشهيرة “أنجلينا” جولي أقل غرابة من حياة الطفلة عاشقة الثعابين والسحالي ودفن الموتى، إذ تزوجت ثلاث مرات، وكانت تحمل قلادة فيها عيّنة من دم زوجها الثاني حتى طلقها، ثم انتشرت شائعات عن علاقة لها مع الممثل الهوليودي الشهير “براد بيت”، الذي كان حينها متزوجا من الممثلة “جينيفر أنيستون”، لكن “أنجلينا” و”براد” تزوجا بعد طلاق “براد بيت” من زوجته.

أنجبت “أنجلينا” و”براد بيت” ثلاثة أطفال، كما قاما بتبنّي أربعة آخرين من كمبوديا وسوريا وفيتنام وأثيوبيا، وقد انفصلا فيما بعد، فأعلنت “أنجلينا” عدم رغبتها في الزواج مرة أخرى.

أطفال كمبوديا.. انتقال حادّ

كان الانتقال من الحياة الصاخبة الحافلة بالرغبات والنزق إلى الأنشطة الخيرية والإنسانية حادّا وملفتا، لكن قصته تعود إلى زمن تصوير فيلم “لارا كرافت” في كمبوديا، حيث شهدت بنفسها مظاهر الفقر والحرمان، وقررت بعدها تكريس جزء كبير من وقتها للعمل الإنساني، فتبنت طفلا كمبوديا، وقامت بزيارة مخيمات اللاجئين في أكثر من عشرين دولة بينها لبنان والكونغو.

كما منحت “أنجلينا” أحد معسكرات اللاجئين الأفغان في باكستان مليون دولار، ومليون دولار أخرى لمنظمة أطباء بلا حدود، ومثلها لمنظمة الطفل العالمي، وتبرعت أيضا بمليون دولار لمنكوبي دارفور في السودان، وتبرعت بمليون دولار إلى منظمة “غلوبال إيدز أليانس”.

رحيل الأم.. زهد واعتزال

لم تكن زيارة “أنجلينا” إلى كمبوديا وحدها هي المحطة الأهم في التحول العنيف لكنها الأولى، وجاءت الثانية عبر والدتها، فقد رحلت الأم بعد اكتشاف إصابتها بمرض السرطان عن 56 عاما، وبتوقيع الكشف الطبي على الابنة ثبت أنها تحمل الجين المتحوّر المُسبّب للمرض وهو “بي.آر.إس2″، وبالتالي فإن نسبة إصابتها تصل إلى 87%.

قررت الممثلة الأمريكية بشجاعة نادرة استئصال الثديين والرحم لتجنب تلك الإصابة، وبعدها ظهر زهد “أنجلينا” في كل شيء، ونشرت صحف كبرى أخبارا عن اعتزامها اعتزال التمثيل، خاصة بعد فقدانها لوزنها بشكل لافت ووصولها إلى وزن 35 كيلوغراما، في الوقت الذي كانت تستعد فيه لتصوير الجزء الثاني من فيلم “الجنيّة”، ورغم ذلك لم يكن الخبر كاذبا تماما، فقد كشفت نجمة هوليود “أنجلينا جولي” أنها قد تعتزل التمثيل بشكل نهائي بعد تجسيدها لشخصية الملكة الفرعونية “كليوباترا”، التي كانت تستعد لتقديمها في فيلم جديد.

ملكة النيل.. اعتزال السينما

صرحت “أنجلينا” في حديث إذاعي لمحطة “بي بي سي” أنها قد تتخذ قرار الاعتزال بعد بطولتها لفيلم “ملكة النيل”، وهو حلم يراودها منذ سنوات، لكن الفيلم تم تأجيله، وكانت نجمة هوليود الشهيرة “إليزابيث تايلور” قد جسّدت شخصية الملكة المصرية “كليوباترا” في فيلم أُنتج عام 1964 وصُوّر في مصر.

وأشارت “أنجلينا” في الحوار نفسه إلى أنها تعشق التمثيل، لكن أطفالها أهمّ، حيث قالت: استمتعت كثيرا بكوني ممثلة، وأشعر بالامتنان لذلك، كما أنني اكتسبت خبرة كبيرة من هذا العمل وقصصه، وأنا بالفعل محظوظة لكوني جزءا من هذا العمل، لكنني سأكون أكثر سعادة مع أطفالي في المنزل، لأنني أم لستة أطفال، وهناك الكثير من الأمور التي يجب أن أهتم بها، لذا خططت أن أعتزل عند بلغوهم سن المراهقة.

مكتبة السينما.. مسيرة حافلة

إذا كانت ثلاثية “لارا كروفت” بأجزائها هي السبب المباشر لتلك الشهرة والمكانة التي تمتعت بها “أنجلينا جولي”، فإن عددا من الأفلام التي قدمتها خلال مشوارها قد تركت علامات بارزة في تاريخ هوليود، منها فيلم “السيد والسيدة سميث” الذي أنتج عام 2005، وشاركها البطولة فيه “براد بيت”، وتدور قصته حول زوجين كانا يعتقدان أنهما مجرد زوجين عاديين يعيشان في الضواحي، إلا أنهما يكتشفان لاحقا أن كلا منهما يعمل كقاتل مأجور لصالح جهازين استخباراتيين متنافسين، وأن الجهازين أوكلا كُلّا من الزوجين بمهمة قتل الآخر. الفيلم مليء بمشاهد الحركة والعنف، لكنه لا يخلو من الكوميديا.

أما فيلم “استبدال” الذي قُدّم عام 2008، وتحكي قصته عن أم يختفي ابنها فتلجأ إلى الشرطة التي تُعيد الطفل بعد خمسة أشهر، إلا أن الأم ترى أن هذا الصبي لم يكن طفلها المفقود. وفي فيلم “كابتن السماء وعالم الغد” عام 2004 تتعرض مدينة نيويورك لسلسلة من الهجمات المميتة من قبل روبوتات طائرة ضخمة، وتتعاون صحفية مع طيار حربي من أجل البحث عن مصدر هذه الروبوتات، وسبب اختفاء أشهر العلماء حول العالم.

“جامع العظام” و”الجنيّة”.. إثارة وخيال

يُعدّ فيلم “جامع العظام” الذي أنتج عام 1999 واحدا من الأعمال التي برزت خلالها “أنجلينا جولي”، وذلك في تعاونها الأول مع النجم الهوليودي المتميز “دنزل واشنطن”. تدور قصة الفيلم بعد أن أُصيب المحقق “لينكولن رايم” بالشلل نتيجة حادث مؤسف، فيتعاون مع الشرطية “إميليا” لمحاولة القبض على قاتل مُتسلسل روّع مدينة نيويورك، وذلك لإنقاذ الضحية القادمة. قصة الفيلم مليئة بالإثارة والغموض والأحداث غير المتوقعة.

ظهرت “جولي” في فيلم “الجنيّة” عام 2014 بصورة مختلفة وقصة خيالية تماما، وتدور الأحداث في مكان بعيد من هذا العالم، حيث كانت هناك مملكتان متجاورتان، في الأولى يعيش البشر، بينما تمتلئ الأخرى بكثير من المخلوقات السحرية الغامضة، ومن بينها كانت الجنيّة الشابة “ماليفسنت”، التي كانت تعشق مملكتها وتحاول دوماً حمايتها من جشع البشر وأطماعهم التي لم تكن تعرف أيّ حدود، وعلى عكس طبيعتها تتحول إلى جنيّة شريرة لحماية مملكتها.