أبو عرب حادي العودة.. ذاكرة فلسطين في صوت رجل ثائر

ساعة فضية في قبضة كهل غطي رأسه بكوفية، يضع نظارات شمسية سوداء، لا تبدو ملامحه واضحة، غير أن صوتا من وراء الكاميرا قدمه بإجلال قائلا: لم يكن أحد قادرا على إنجاز ما استطاع رجل واحد إنجازه على مدار أكثر من 60 عاما، فقد أرّخ قضية فلسطين بموهبة شعر شعبي عبقرية، ومن قلب الشتات في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

تبدأ تنكشف ملامح الممثل الذي يجسد هوية الرجل العظيم، حين أنشد قائلا في مشهد تمثيلي:

يا توتة الدار صبرك على الزمان إن جار

لا بد ما نعود مهما طوّل المشوار يا يابا

يا توتة الدار حلفتك برب الكون

لا بد ما نعود مهما طول المشوار يا يابا

ولم يكن الكهل ذو الملامح غير الواضحة سوى طيف الشاعر الفلسطيني الكبير إبراهيم صالح مطر المعروف باسم “أبو عرب”، الذي استحضره فيلم الجزيرة الوثائقية “أبو عرب حادي العودة” للمخرج معتز محمد.

وقد وثق الفيلم على مدى قرابة 52 دقيقة سيرة الزجال والشاعر الشعبي الفلسطيني أبو عرب، وأحيا ذكراه مثلما أحيا الشاعر على مدى أكثر من نصف قرن تفاصيل القضية الفلسطينية بين حروف شعره وألحان قصائده التي حملت محنة بعده عن وطنه، بل محنة آلاف آلاف الفلسطينيين المبعدين قسرا عن أرضهم.

شاعر الثورة الفلسطينية إبراهيم صالح مطر المشهور بـ”أبو عرب”

كما نقل الفيلم مآسي طفولة أبو عرب مع الاحتلال وبدايات توثيقه حكاية فلسطين بأزجاله ومواقفه، خلال التقلبات التي عاشها الفلسطينيون ضمن سياقات دولية قدمت محاولات لحسم الصراع.

ويلقب إبراهيم صالح مطر بشاعر الثورة الفلسطينية. وقد جاء وصفه الأبلغ على لسان الباحث حسين لوباني في الفيلم، حين قال إنه العبقري ذو الصوت الحنون المؤثر، فحين يغني بألم أغنية “يا توتة الدار” يُبكي صوته والدته ووالده الذي كان لا يبكي قط.

قرية الشجرة.. طفولة بين الأهازيج والحكايات الشعبية

في السادس من أبريل/ نيسان 1931، ولد أبو عرب في قرية الشجرة شمال فلسطين، وعاش منذ سنوات طفولته الأولى في تراث شعبي فلسطيني ثري. ويقول ابنه مهند الصالح: عاش أبو عرب طفلا وحيدا مدللا، ورافق في طفولته ابن عمته رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي.

كان أبو عرب يحضر الأعراس والمناسبات التي تقام في بلدته، وكان يحييها شعراء مثل الراحل فرحان سلام وأبو سعيد الحطيني، واستفاد أبو عرب من حضوره تلك الحفلات، وكان -كما أسرَّ لصديقه أسعد كعوش- يركز مع طريقة نطق الشعراء وكيفية إلقائهم، وحتى تفاصيل حركاتهم.

أسعد كعوش، صديق الشاعر والفنان الفلسطيني “أبو عرب” في مخيمات حمص

وكانت السنوات الخمس الأولى من عمره مزيجا دسما من تراث شعبي ضارب في التاريخ، ومن وعي مبكر بالنكبة، بعد أن شاهد في تلك السنوات غرباء يجولون في أرض فلسطين، غير الوجوه التي اعتادتها تلك الأرض.

ففي طفولته المبكرة، لم يكن الشعر الشعبي والأغاني التراثية الفلسطينية الشيء الوحيد الذي وجد طريقا إلى مسامعه، فحسب شهادة ابنه مهند، فقد سمع أيضا روايات عن قمع سلطات الانتداب البريطاني لأصحاب الأرض، وحكايات عن طرق إخفاء السلاح في أكياس الطحين، وتهريب البنادق في أكياس الشعير.

كابوس الوجوه الغريبة عن الوطن.. بداية المشروع الصهيوني

كان أبو عرب شاهدا على بداية تشكل المشروع الصهيوني منذ سنوات طفولته الأولى، فقد كان كل ما يحيط به ينبئ بذلك، ولم يكن قد استيقظ من كابوس مشاهدة الوجوه الغريبة عن أرض فلسطين، حتى اشتعلت الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني، وضد سياسة توطين اليهود في فلسطين في العشرين من أبريل عام 1936، فكان ذلك وحده كفيلا بزرع بذرة النضال والمقاومة والحس الفني الذي ورثه عن عمه الشاعر محمود الصالح، وجده من أمه الشاعر الكبير علي الأحمد بكارنة.

مهند الصالح، ابن الشاعر والفنان الفلسطيني “أبو عرب”

وحسب شهادة الباحث حسين لوباني، فقد تأثر أبو عرب بعمه، فكان يرافقه دائما إلى حفلات الزفاف، وينقل عميد العابد -وهو صديق مقرب من العائلة- أن الشاعر كان قد حكى له أنه كان يحضر الأعراس منذ كان طفلا، وأنه قد يكون متأثرا بعمه وبجده الشاعر علي الأحمد بكارنة.

كانت السنوات الخمس الأولى من طفولة أبو عرب حاسمة، فقد حفرت الأحداث التي عاشها خلال طفولته في داخله مجرى واحدا ووحيدا، وهو طريق المقاومة.

غزو العصابات الصهيونية للقرى.. بداية المأساة الدموية

في العام 1948، بدأت وجوه الغرباء عن أرض فلسطين تدخل جوا وبحرا، فقد قرر العالم حينها زرع اليهود في أرض فلسطين، حينها كان عمر أبو عرب 17 عاما، وكان عمره آنذاك كافيا ليحفر في ذاكرته مشاهد إجلاء السكان الأصليين من قراهم، وعمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبها غزاة الأرض الجدد.

وكانت روايات المجازر التي ارتكبها الصهاينة ضد الفلسطينيين -ومن أشهرها مجزرة دير ياسين- تنتقل بين سكان القرى، ومن ضمنها سكان الشجرة مسقط رأس أبو عرب.

“أبو عرب” يستذكر أيام التهجير من قريته الشجرة شمال فلسطين

ويروي مهند الصالح -وهو ابن الشاعر أبو عرب- أن سكان قرية الشجرة تجمعوا على حدودها لحمايتها إذا تعرضت لهجوم من قبل العصابات الصهيونية، وقد كان تخمينهم صائبا، إذ هوجمت القرية واستشهد خلال المعارك الشاعر محمود صلاح عم أبو عرب، الذي زرع فيه البذرة الأولى للشعر الشعبي والمقاومة، وأصيب والده بجروح خطيرة سرعان ما تسببت بوفاته، ودفن في قرية كفر كنا.

رحلة اللجوء.. اجتثاث من الحلم الجميل والطفولة المدللة

في تلك الفترة، بدت الأحداث شبيهة بجرافة قلبت الأرض ودفنت تاريخا واقتلعت جذورا، فمات من مات وتنقلت أفواج من السكان هربا من العصابات التي لاحقتهم لقطف أرواحهم.

ويروي مهند الصالح، أن عائلة أبو عرب فرت إلى مدينة عكا بحثا عن الأمان، بعد أن انتشرت روايات عن أن كل فلسطيني أصيل بالشمال سيلاحقه اليهود ويذبحونه، وكان على العائلة البحث عن طريق للنجاة، فكانت وجهتهم لبنان.

والد “أبو عرب” الذي استشهد في حرب فلسطين 1948

سار أبو عرب نحو طريق المنفى في عربة للشحن، وكانت صور الدمار الذي خلفته العصابات اليهودية على طول الطريق تطبع واحدة تلو أخرى في ذهن الفتى، وكان يصحبه ابن عمته ناجي العلي.

لقد كان اقتلاعا واجتثاثا من حلم جميل ملون، إلى كابوس يلفه الخوف والجوع والعراء، حسب توصيف الباحث حسين لوباني، وقد كان ذلك توصيفا دقيقا، فقد ترك أبو عرب ذكريات الأهازيج والأعراس والشعر ودفنها في قبر منسي في قرية كفر كِنّا صحبة أبيه.

ثم انتقل من مرحلة الفتى المدلل في عائلته، إلى العيش في خيمة واحدة تضم كل إخوته وأعمامه وأخواله، بحسب شهادة صديقه أسعد كعوش. وقبل سكنهم في خيمة، مكثت عائلته وعائلة ناجي العلي شهرين كاملين ملتحفتين العراء، ثم انتقلوا إلى مخيم عين الحلوة، ومكثوا فيه ما يقارب الثلاثة أشهر، ثم توجه أبو عرب بالقطار نحو مخيم العائدين في حمص، ليلتحق بإخوته هناك.

أيام المخيم.. عمل نقابي وحفلات تنير ليل اللاجئين

وقد كانت ظروف المخيم القاسية قد حفرت جراحا أعمق، وكانت تلك الجراح تسقي بذرة مدفونة نبتت خلال السنوات الخمس الأولى من عمره، وصنعت شخصيته الجديدة التي أنبتتها محن البلد والعائلة.

وكانت تجمعات اللاجئين في مخيم العائدين، مسرح أبو عرب الذي بدأ شعره يصدح عليه، ويصل صداه إلى كل سكان المخيم، وهناك أحيا حفلات الزفاف دون مقابل، فكان مثل مشكاة أنارت لترمي شعرا ومواويل وأغاني شعبية.

أنارت لترمي شعرا ومواويل وأغاني شعبية.

أبو عرب غنى أكثر من 300 أغنية للثورة والثوار والوطن والعودة

يقول الباحث نجيب صبري: كان أبو عرب يجاهد بقلمه، ويكتب أغنيته ويلحنها ويغنيها في حارات المخيمات على مسامع الناس.

قاد التمرد وعزة النفس اللذان حملهما أبو عرب إلى رفضه قبول المساعدات الأممية التي تقدم عادة في مخيمات اللاجئين، لذلك لجأ إلى العمل مترجما بأحد مصانع السكر في حمص، فقد كان يجيد اللغة الإنجليزية.

ولم يكن أبو عرب عاملا فحسب، بل مارس العمل النقابي في صلب المصنع، وفاز خمس مرات برئاسة نقابة عمال المصنع كما يروي ابنه. وكانت تجربة العمل النقابي داخل مصنع السكر تجربة مهمة، فقد مهدت له الطريق نحو العمل الحزبي، في ظل تموج الشارع السوري في خمسينات القرن الماضي.

“أبو عرب”.. كنية ولدت من قلب المظاهرات

انضم أبو عرب لحزب البعث الاشتراكي سنة 1951، وقبل ذلك كان ينتمي للحزب العربي الاشتراكي، وكانت التيارات القومية في تلك الحقبة تحرك الشارع تحت شعارات تدعو للوحدة ولتحرير فلسطين، لذلك كانت المظلة الأنسب للشاب أبو عرب، الذي اقتلع من أرض أجداده ونجا من آلة قطف الأرواح الصهيونية في العام 1948. يقول الباحث حسين لوباني: اتكأ أبو عرب على الحزب، واتخذه وسيلة لتحرير فلسطين.

وفي أواخر العام 1956، اندلعت أزمة قناة السويس في مصر، ومع اشتعال الحرب ألهبت قضية التحرر روح أبو عرب، فأجج الشارع وقاد مظاهرات في الشوارع السورية، واستنهض الهمم عسى أن يكون العدوان الثلاثي خطوة نحو إعلان الحرب على إسرائيل.

وكان حماسه وقدرته على تحريك الشارع تحت لافتات الوحدة العربية وتحرير فلسطين قد وسمته لقبا جديدا بدلا من اسم إبراهيم صالح مطر، واكتسب منذ ذلك الحين كنيته “أبو عرب” التي ستلازمه حتى مماته.

“أنجز ما لم ينجزه أي شاعر في تلك الفترة”

لم ينس أبو عرب ما ورثه عن جده وعمه من قول الشعر وغنائه، ولم يغب فنه الذي تفجر في زحمة الشوارع المنتفضة، وفي العام 1958، سافر إلى القاهرة بعد دعوته من قبل إذاعة صوت العرب.

ويذكر مهند الصالح أن أباه دعي لتقديم برنامج على الإذاعة بعنوان “أهازيج ومكاتيب”. وكانت تلك الفترة هي أهم فترات أبو عرب على المستوى الفني، وبالنسبة للقضية الفلسطينية بشكل أكبر، فقد بدأ تأليف الأغاني التي كانت مرآة لمسار تاريخي وتوثيقي.

في العام 1958، سافر أبو عرب إلى القاهرة بعد دعوته من قبل إذاعة صوت العرب

كانت إذاعة صوت العرب في فترة النصف الثاني من القرن العشرين عين العرب على كل ما يخص قضاياهم، وكانت أغانيه إحدى التذاكر التي تحمل المستمعين لفلسطين. يقول يوسف عاصي، وهو عازف في فرقة “ناجي العلي”: أنجز أبو عرب ما لم ينجزه أي شاعر في تلك الفترة، على فتوة سنه وعدم خبرته في مجال كتابة الشعر.

الوحدة العربية.. إيمان بحلم يقود إلى الزنازين

اكتسب أبو عرب حظوة وتقديرا كبيرين لدى كل المهجّرين الفلسطينيين، ولا سيما في مخيم العائدين بحمص، فقد جعلوه بمثابة القائد، وكان أبو عرب ذا بصيرة وحنكة، وكان يؤمن بمفهوم الأمة والوحدة، وقد قاده ذلك الإيمان إلى السجن عام 1959، بعد أن هلل فرحا بإعلان الوحدة المصرية السورية.

وحسب ابنه مهند، فإن والده قد تمسك بالوحدة بين الدولتين، رغم الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر ونائبه السوري شكري القوتلي، مع كل ما سبق ولحق مشروع الوحدة من تعقيدات ومشاكل.

أبو عرب كان مؤيدا قويا للوحدة التي لم تطُل بين سوريا ومصر

كما قاده السجن إلى إطلاق ثورته الخاصة عام 1965 بكتابة الشعر للقضية وعن القضية، وقد أنعشت نشأة فصائل فلسطينية مسلحة حماسه، فتغنى بالفدائيين وبحلم العودة الذي سيكون على أيديهم. يقول نجيب صبري الشاعر والباحث في التراث إن أبو عرب غنى للفدائيين والمتطوعين في معسكرات التدريب بنفَس فلسطيني يشحذ عزائمهم الثورية، وهناك في ذلك العام اكتسب لقبا جديدا، وهو شاعر الثورة الفلسطينية.

خلع المظلة الحزبية.. خيبة أمل بعد السجن والنكسة

كان أبو عرب ينشط على جبهات كثيرة، فيؤلف الشعر ويغني للثورة والفدائيين، ويحرك الشارع من موقعه في الحزب الذي استرجعه بعد فشل الوحدة مع مصر، ويحمي ظهر عمال مصنع السكر من خلال موقعه على رأس نقابتهم.

ففي الوقت الذي عصفت فيه السياسة الداخلية السورية بشعر أبو عرب، بعد الانقلاب الذي قاده نور الدين الأتاسي وصلاح جديد، فزُجّ به في سجن تدمر مدة ستة أشهر، وعانى هناك من ويلات التعذيب.

أبو عرب يتعرض في سوريا للاعتقال والتعذيب مدة ستة أشهر

وحسب شهادة عميد العابد صديق العائلة المقرب، فقد اقتُلع أحد أظافر الشاعر خلال التعذيب في السجن، وكانت تجربته قد دفعته للحسم في الخروج من المظلة الحزبية التي دخلها بإيمان قومي كبير، وخرج منها خائب الأمل في حلم العودة الذي طال كثيرا، فاستقال في العام 1965 من حزب البعث وتوجهت بوصلته للقضية الفلسطينية وحدها، وتعمقت خيبته أكثر بنكسة العام 1967، حين استولت إسرائيل على عدد أكبر من الأراضي الفلسطينية.

“غنى الحادي”.. برنامج يجذب المستمعين ويلهب الفدائيين

انتقل أبو عرب إلى لبنان، بعد أن انضم إلى إذاعة “صوت فلسطين” التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقدم برنامجا بعنوان “غنى الحادي”، فكان يتسمر المستمعون الفلسطينيون والعرب أمام الراديو وقت العصر، وهو موعد بث البرنامج، وكان أبو عرب حينها صوت الفلسطينيين والشعلة التي تلهب الفدائيين بالأغاني الثورية.

صورة الشهيد معن الصالح -ابن “أبو عرب”- الذي استشهد في اجتياح بيروت 1982

كان مقدرا على أبو عرب أن يلاحق بالسجن أو بالرصاص، ففي العام 1982، قدر له أن يشهد اجتياح إسرائيل لبيروت، وكان الأمر أشبه بدوران عكسي للزمن يُذَكِّر باجتياح العصابات الصهيونية للقرى والمدن الفلسطينية في 1948.

ومن هناك قررت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أن يخرج أبو عرب من بيروت في الوقت الذي استشهد فيه ابنه معن برصاص الإسرائيليين. يقول ابنه مهند: كان أبي يأمل أن يسترجع رفات معن، ليطوف به في المخيم مرددا الأناشيد والشعارات، لكن لم يستطع تحقيق أمنيته.

ولم تكفِه الجراح التي حفرت في ذاكرته منذ أن كان طفلا، حتى أضيف لها جرح آخر حين غادرت منظمة التحرير الفلسطينية بيروت نحو تونس، حينها شعر أبو عرب بخذلان كبير، وانسحب من المنظمة خائبا، ثم زادت المنظمة جروحه بقبول قرار التسوية بداية تسعينيات القرن الماضي، ضمن اتفاقية أوسلو.

“فنان فلسطين الأول وشمسها”.. عودة إلى القرية

مرة أخرى عاد أبو عرب لتدوين التراث وتأريخ النكبة، وقرر بعد خيبة منظمة التحرير الفلسطينية تأسيس فرقة للتراث الفلسطيني.

لم تفارق المحن أبو عرب، فقد اغتيل ابن عمته وصديق طفولته ناجي العلي في العام 1987، حينها غير اسم فرقته إلى فرقة ناجي العلي، وسجل مع الفرقة أغاني ثورية كانت تهرب أشرطتها داخل أحزمة النساء إلى داخل فلسطين، حسب ما قاله عميد العابد في فيلم الجزيرة الوثائقية.

بعد اغتيال ابن عمته ناجي العلي في بيروت سنة 1987، “أبو عرب يعيد تسمية فرقته إلى فرقة ناجي العلي

وفي إحدى قصائده من صنف العتابا أنشد أبو عرب:

يا داري مهما طال البعد لاجي

ودمعي بفرقتك عالبعد لاجي

لا بد ما أعود لو طال الغياب

أبو عرب يزور قريته “الشجرة” في فلسطين ويقرأ الفاتحة على قبر والده الشهيد

وصدق أبو عرب، فقد زار أطلال قريته، قرية الشجرة التي غادرها شابا يافعا عام 1948، وعاد إليها شيخا بعد ستة عقود عام 2012. وصدق أبو عرب مثلما صدق رفيقه أسعد كعوش حين قال “أبو عرب هو فنان فلسطين الأول وشمسها”.

هدّي يا بحر هدّي طوّلنا في غيبتنا

ودّي سلامي ودّي للأرض اللي ربّتنا

سلم لي عالزيتونة وعلى أهلي الـ رّبوني

وبعدا إمي الحنوني بتشمشم بمخدتنا

سلم سلم عابلادي تِربة بيّي وجدادي

بعده العصفور الشادي بعشعش عاتينتنا