الفرنكفونية.. آخر وأقوى جيوش الاستعمار الفرنسي

أمين حبلا

ربما لم يكن الجغرافي الفرنسي “أونسيم روكلو” -وهو يطلق اسم الفرنكوفونية على البلدان الناطقة بالفرنسية- يعرف أنه سيضع مصطلحا ولقبا لواحد من أهم الأسلحة الناعمة التي استخدمتها فرنسا لاحقا باقتدار وبتخطيط، وتحكمت به طيلة عقود في حاضر ومستقبل ووعي كثير من الشعوب، وخصوصا في أفريقيا التي انسلخت من لغاتها الشعبية المحلية، لصالح الفرنسية التي أزاحت العربية عن منصة الصدارة الثقافية في غرب أفريقيا.

تمكنت فرنسا من السيطرة على الوعي الثقافي في بلدان عديدة، وذات مرة بكى مسن موريتاني عندما سمع خطابا للرئيس الفرنسي الراحل “جاك شيراك”، وأمام هيبة الموقف وجلال الدموع، قال لقد ذكرتني عباراته ونغماته بخطابات الجنرال “ديغول”، حيث تتنزل الفرنسية بوضوح وجلجلة تأخذ بالألباب.

إلى دموع ومشاعر هذه المسن، تنتمي أجيال كبيرة من أفريقيا وبلدان متعددة عاشت مع الفرنسية وتلقت بها تكوينها الثقافي والأكاديمي والوظيفي، وأصيبت معها بحول ثقافي تجاه فرنسا.

خرجت فرنسا من مستعمراتها في أفريقيا لكنها خلفت وراءها ثقافة فرنكوفونية لا تزال تحتل ألسنة الناس هناك
خرجت فرنسا من مستعمراتها في أفريقيا لكنها خلفت وراءها ثقافة فرنكوفونية لا تزال تحتل ألسنة الناس هناك

لغة موليير.. يد فرنسا المطبقة على عنق الثقافة الأفريقية

تمثل الفرنكوفونية يدا فرنسية ناعمة تقبض بها بكل قوة على العنق الثقافية والتعليمية ليس في فرنسا فقط، وإنما في بلدان متعددة وخصوصا في أفريقيا، حيث يتنفس الناس هنالك من رئة فرنسا الثقافية التي لا تقل حضورا وتأثيرا عن السواعد الفرنسية التي تمسك بكثير من أزمة السياسة والاقتصاد، وتحول المدارس والكتب والإعلام والشوارع ولغة التخاطب والتعبير والفكاهة والنضال السياسي إلى مفردات فرنسية، كما لو كنت تسير فيها على جنبات شارع الشانزليزيه، سوى أن التنمية والرفاهية الاقتصادية والديمقراطية السياسية لم تعبر إلى مستعمرات فرنسا عبر جسور الكلمات والأخيلة والرؤى الثقافية في سبحها الطويل في المناهج التعليمية والثقافية التي غزت بها فرنسا مستعمراتها السابقة.

تسهر عدة مؤسسات ثقافية على خدمة لغة “موليير”، وتسعى جاهدة لمدها بأسباب النماء والبقاء، ومن بين هذه المؤسسات المنظمة الدولية للفرنكوفونية التي تأسست سنة 1970، بعد عقد من خروج فرنسا من عدد من مستعمراتها المتعددة، وكان هدفها الاستراتيجي الأول هو تفعيل وتطوير اللغة الفرنسية والترويج لها، إلى جانب مستوى من الحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي للدول المنضوية تحت لوائها.

الدول الناطقة بالفرنسية والتابعة للمنظمة الدولية للفرنكوفونية

 

المنظمة الدولية للفرنكفونية.. تكتلات تحت الظلال الثقافية الفرنسية

تتخذ المنظمة من باريس مقرا رسميا لها، وتمد شرايينها الإدارية عبر فروع ومقرات في عدد من دول العالم، ويعمل فيها مئات الموظفين الذين يعملون جاهدين على أن يغرسوا لفرنسا والفرنكوفونية في الشغاف الثقافية وجودا أعمق ويمدوا لها عمرا أطول.

لكن التأسيس الإداري سنة 1970 لم يكن البداية، فقد بدأت محاولات التكتل تحت الظلال الثقافية لفرنسا باكرا في سنة 1926 مع تأسيس جمعية الكتاب باللغة الفرنسية، قبل أن يلتحق بها بعد ذلك الاتحاد الدولي للصحافيين والصحافة المحررة باللغة الفرنسية سنة 1950.

وسرعان ما تواصل التأسيس والاندماج، قبل أن تتأسس المنظمة الفرنكوفونية بين الحكومات سنة 1960، وفي السنة الموالية انتقلت حمى الفرنكوفونية إلى التعليم العالي، فأسس الأساتذة الجامعيون اتحاد الجامعات الناطقة كليا أو جزئيا باللغة الفرنسية، ومع الزمن انتقلت هذه الجامعة إلى وكالة الجامعات الفرنكوفونية، وتضم في عضويتها 677 مؤسسة تعليم عال موزعة على 81 بلدا.

وتواصلت مسيرة الاندماج فقد أسس البرلمانيون سنة 1967 جمعية البرلمانيين الفرنكوفونيين، قبل أن يغيروا لاحقا اسمها بعد ثلاثين سنة إلى الجمعية البرلمانية الفرنكوفونية، وهي تضم برلمانات 65 دولة، و11 ملاحظا وممثلا خاصا.

وتشمل هذه البرلمانات مستعمرات فرنسا القديمة، إضافة إلى دول أخرى مثل بلجيكا، ولوكسمبورغ، ومقاطعة الكيبك الكندية، وهي دول امتد إليها اللسان الفرنسي.

ولاحقا تجمعت كل هذه القوى في المنظمة الدولية للفرنكوفونية في 20 مارس/آذار 1970، ليتحول ذلك التاريخ إلى يوم عالمي للفرنكوفونية، يأمل فيه حاملو لواء الترويج للغة الفرنسية أن يتحدث فيه العالم لغة “موليير”، ويحتفي برموزها ومضامينها الثقافية ومحمولاتها الفكرية الثقافية والتاريخية التي نشأت في فرنسا واستقرت لخدمتها.

ونتيجة للحضور الأفريقي الكبير بين الناطقين باللغة الفرنسية، فقد حافظت المنظمة في أغلب فتراتها على أن يتولى أمينها العام شخصية أفريقية، ومن أبرز الشخصيات الأفريقية التي قادت المنظمة المرموقة لفترة طويلة الرئيس السنغالي السابق عبدو ديوف، علما بأن السنغال يعتبر أحد أهم البلدان الأفريقية الناطقة باللغة الفرنسية.

بناء المنظمة الهرمي.. قارة في جيب فرنسا

تنتظم المنظمة الدولية للفرنكوفونية في مؤسسات متعددة، يشرف عليها فريق إداري من بينه مسؤول إداري مكلف بتدبير الشراكة بين الدول الأعضاء.

وتخضع المنظمة لسلطة ثلاث مؤسسات سياسية، هي مؤتمر القمة، ثم المؤتمر الوزاري، والمجلس الدائم للفرنكوفونية، وتمد شرايين العلاقة إلى منظمات دولية متعددة، من بينها ممثلون دائمون بالاتحاد الأفريقي، واللجنة الاقتصادية الأفريقية بالأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ممثل دائم لدى منظمة الأمم المتحدة.

وإَضافة إلى ذلك تمد المنظمة ظلالها الإقليمية عبر مكاتب إقليمية في التوغو والغابون وفيتنام وهايتي ورومانيا، وتنظم هذه الفروع أنشطة وبرامج ثقافية وسياسية متنوعة لصالح الدول الأعضاء تحت ظلال ومضامين الفرنكوفونية.

وتعلن المنظمة أن هدفها الأول هو تثمين وتطوير وتشجيع الفرنسية، إضافة إلى دعم السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان، وترقية التعليم والتكوين والتعليم العالي، والبحث العلمي، وخدمة التنمية المستدامة، والسعي إلى مد ونشر الخدمات الأساسية في مناطق متعددة من الفضاء الفرنكوفوني.

عبر أكثر من قرن من الزمان مثقفون عرب يكتبون أدبهم باللغة الفرنسية أو يترجمونه لها

 

أبناء المستعمرات.. سباق إثراء اللغة الفرنسية

لمعت في سماء الفرنكوفونية عدة أسماء بالغة الأهمية والتأثير في حقول الثقافة الفرنكوفونية بشكل عام، ومثلت منطقة المغرب العربي إحدى أكثر مناطق إبداعا وتأثيرا في الثقافة الفرنكوفونية من خلال إنتاجات فكرية وأدبية وثقافية متعددة.

إضافة إلى فضاء أفريقيا الغربية التي لا تزال تتنفس الثقافة عبر الرئة الفرنسية رغم الدعوات الهائلة والمتأججة دائما للعودة إلى اللغة الأم في البلدان المستعمرة سابقا، أو البحث عن بدائل لغوية تضفي على الفعل الثقافي واللغوي مزيدا من التنوع الإيجابي الذي ينهي هيمنة الفرنسية.

فقد مثلت الفرنكوفونية في المغرب العربي رئة الثقافة لأجيال كثيرة من أبناء هذا الخماسي الثقافي، ومن أشهرهم الطاهر بن جلون من المغرب، وكاتب ياسين من الجزائر وهو صاحب المقولة الشهيرة “الفرنسية غنيمة حرب”، وآسيا جبار من الجزائر أيضا، وعبد الودود ولد الشيخ وموسى ولد أبنو من موريتانيا، رغم أن موسى قد أعلن قبل أسابيع مقاطعته التامة للغة الفرنسية باعتبارها منتجا ثقافيا لفرنسا المسيئة إلى الوجدان الإسلامي عبر التهكم والانتقادات التي يوجهها الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” بين الحين والآخر للإسلام دينا وحضارة.

الرئيس السنغالي السابق “ليوبولد سيدار سينغور”.. قلم زنجي فرنكوفوني

 

أدب أفريقيا باللسان الفرنسي.. غنيمة الحرب

استطاعت الفرنكوفونية أن تحجز لنفسها فضاءات إبداعية وثقافية متميزة في أفريقيا مع مجموعة كبيرة من الرموز الثقافية والفكرية، ومن أشهر هذه الأقلام الرئيس السنغالي السابق “ليوبولد سيدار سينغور” الذي يعتبر -إلى جانب تراثه الفرنكوفوني البالغ الأهمية- أحد الآباء المؤسسين لفكرة الزنوجة كمفهوم ثقافي وإطار قومي للقضية الأفريقية.

وقد كان “سينغور” سباقا إلى الاهتمام بالأدب الأفريقي المكتوب بالفرنسية، فأصدر سنة 1948 كتابه “أنثولوجيا الشعر الزنجي والملغاشي” المكتوب باللغة الفرنسية.

وإضافة إلى “سينغور” كان “إيمي سيزير” وجها أفريقيا فرنسيا بالغ التوهج الثقافي، وقد سخر قلمه وصوته للدفاع عن القضايا الأفريقية.

لقد نظر “سينغور” وغيره من الكتاب الفرنكوفونيين مثل الروائي الجزائري كاتب ياسين إلى الفرنسية باعتبارها غنيمة حرب يستخدم أسلابها وغنائمها في التعبير عن مشاعره وآلامه، ويحطم أسوار قداستها التي كانت تحيط بها باعتبارها لغة الثراء والشموخ الفرنسي.

البرلمان المغربي يقر في يوليو/تموز 2019 تعزيز مكانة اللغة الفرنسية في المدارس على حساب العربية والأمازيغية

 

امتيازات الإرث الاستعماري.. لغة النخبة والثقافة

يرى أنصار الفرنكوفونية أن اللغة الفرنسية والثقافة الفرنكوفونية عموما قدمت إسهامات جليلة للعالم خاصة في مجالات الأدب والفكر والسياسة والفنون، ويرون أنه من الحيف وعدم الإنصاف التركيز على الجانب السياسي المتعلق بربطها بسياسة فرنسا ومواقفها، باعتبار أنها أصبحت تمثل اختيارا ثقافيا لشعوب كثيرة في مختلف قارات العالم.

ولا ينظر أصحاب هذا الرأي إلى الفرنسية باعتبارها لغة محتل سابق، أو باعتبارها أداة ناعمة لتوسيع نفوذ إحدى الدول العظمى بعد نهاية عصر الاستعمار المباشر، بل ينظرون إليها بحسبانها لغة نخبة، وحاضنة لإرث أجدادهم الأقربين، ووسيلة للتواصل مع فضاء بشري وثقافي واسع وممتد.

وبالإضافة إلى ذلك، تحول إتقان اللغة الفرنسية في العقود التالية لإقامة الدول الوطنية وجلاء المستعمر إلى امتياز يمكن أصحابها من دخول سوق العمل بسهولة ويسر في الدول المغاربية والأفريقية الناطقة بالفرنسية.

وفي المجمل يحرص المدافعون عن الفرنكوفونية على إبراز دورها فيما يعتبرونه تعميقا للحوار بين الحضارات وتشجيعا للتواصل بين الثقافات ووصلا بين الشعوب ومدا لجسور التعاون والتكامل بين الدول الناطقة باللغة الفرنسية.

المفكر “صامويل هنتغتون” يرى أن الصراعات القادمة في العالم هي حروب حضارية

 

توظيف الضحايا لغة المستعمر.. صراع الحضارات

بالمقابل يرى كثير من الباحثين أن الفرنكوفونية بمفهومها الأوسع، ليست مؤسسة ثقافية بل هي امتداد للاستعمار الفرنسي، وأنها حققت لفرنسا ما لم تحققه جيوشها طيلة عقود من الزمن، وبسبب ذلك تستميت فرنسا في الدفاع عن لغتها رغم ما أصابها من شيخوخة وتآكل لمضامينها الثقافية والعلمية، بسبب سيطرة اللغة الإنجليزية على الإبداع والإنتاج العلمي.

وما من شك في أن الفرنسية بالنسبة لفرنسا تمثل بعدا أكثر من اللغة وأهم من الثقافة وأعمق من الاقتصاد، بل هي كما عبر عنها الأكاديمي الفرنسي “باسكال بونيفاس” بقوله: لم يعد موضوع الفرنسية خيارا ثقافيا أو اقتصاديا، وإنما أضحى رهانا إستراتيجيا يكتسي أهمية حيوية لدى فرنسا.

وتمثل اللغة -أيا كانت- جزءا من إشكالات الهوية في مختلف بلدان العالم، وبناء على ذلك فإن النقاش الدائر في عدد من المستعمرات الفرنسية السابقة بشأن الفرنكوفونية في مساراتها المختلفة هو جزء من التدافع أو “الصراع الحضاري” وفقا لتعبير “صامويل هنتغتون” الذي يرى أن الصراعات القادمة في العالم ماهي إلا حروب حضارية.

ولا شك أن المعطى الحضاري يبدو جليا وواضحا في تعاطي الشعوب وخصوصا في أفريقيا ومنطقة المغرب العربي مع إشكالات وسيطرة الفرنسية.

بيد أنه إذا كانت الفرنسية “استعمارية في أصولها فإنها قابلة للتوظيف من قبل ضحاياها” وفق ما يرى الكاتب الكونغولي آلان موبانكو.

دعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية عبر العالم الإسلامي نصرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم

 

إخلال الدولة الأم بمبادئ الفرنكفونية.. فرنسا المتغطرسة

بالإضافة إلى الجوانب الحضارية والثقافية، يلفت بعض منظري الفرنكوفونية النظر إلى بعض الإشكالات الأخرى التي تعيق المسار الفرنكوفوني، حيث إن المنظمة الدولية الحاملة للوائها تخضع أو تتشكل -في معظمها- من الزعامات التي تقود شعوبها إلى مزيد من القهر، إنها التي تحاول دائما حرف حركة التاريخ والوقوف ضد تطلعات الشعوب، وهكذا تؤدي الفرنكوفونية ولسانها الفرنسي جزءا آخر من المهام الفرنسية العتيقة في مستعمراتها السابقة، وهي الحكم المباشر عبر الاستعمار أو ترسيخ الوكلاء الذين نادرا ما تلتقي أفكارهم مع طموحات شعوبهم.

وينضاف إلى ذلك -كما يرى البعض- أن فرنسا ذاتها لا تجسد “القيم الفرنكوفونية”، بمعنى أنه إذا كانت المؤسسات الفرنكوفونية تسعى وفق ما تعلن إلى نشر ثقافة التواصل والمحبة والتنوع والسلام، فإن فرنسا -على المستوى الرسمي- فشلت في أحيان كثيرة وخصوصا في السنوات الأخيرة في احترام خيار التنوع الثقافي واحترام الاختلاف الحضاري.

فقد اتجهت بدلا من ذلك لممارسة نوع من الوصاية والتوجيه القسري الذي يجعل الثقافة عصا، والكلمات حجارة ملتهبة، ثم وصلت أخيرا إلى الإساءة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بدعوى احترام حرية التعبير، وهي الإساءة التي انطلقت من صحيفة فرنسية، قبل أن تأخذ “شكلها الرسمي” إلى أعظم رجل لهج التاريخ بذكره صلى الله عليه وسلم.

نهضة العربية وتمدد الإنجليزية.. طلائع السقوط

يعيش عدد من المستعمرات الفرنسية السابقة حراكا محموما لنفض العباءة الفرنسية التي تحتمي بها الديكتاتوريات التي حكمت تلك البلدان منذ جلاء المستعمر، ويحمل العديد من سكان تلك المستعمرات باريس مسؤولية عقود من تراكم الفشل الاقتصادي والأزمات الاجتماعية، وانهيار مؤسسات التعليم والقطيعة الثقافية بين الرموز الفرنكوفونية والثقافات والاهتمامات المحلية للسكان.

وباتت الفرنكوفونية تواجه بشكل متزايد في منطقتها الاستعمارية انزياحات متواصلة لصالح اللغة العربية التي تنتشر بشكل كبير ومتزايد في أفريقيا، ضمن ظاهرة الاستعراب التي ليست مجرد انتقال لغوي بقدر ماهي حراك ثقافي واجتماعي متسارع وغير قابل للحرف أو الإيقاف.

وإلى جانب العربية فإن الإنجليزية تزحف بقوة على الجانب الفرنسي من القارة الأفريقية، ويمثل النهوض الرواندي على صهوات الكلمات الإنجليزية أبرز مثال على تراجع الفرنكوفونية في القارة الأفريقية.