“معركة الجنسين”.. أغاني النساء المقاتلات في سبيل حرية المرأة الأمريكية

خاص-الوثائقية

ناضلت المرأة في أمريكا من أجل مساواتها بالرجل في الحقوق والحريات، وكانت الموسيقى بمثابة صيحة الحشد لهن لمعرفة الطريقة التي تبدو عليها أصواتهن المعارضة، في ذلك الوقت كان يصدر تصريح معاد للنساء هنا أو هناك في كل يوم، وهذا ما دفعهن للمحاربة والدعوة لاحترامهن، وكانت الموسيقى التجسيد الحقيقي لمشاعرهن وطموحهن.

تتناول هذه الحلقة التي بثتها الجزيرة الوثائقية ضمن سلسلة “أغان صنعت التاريخ” بعنوان “معركة الجنسين” أهم الأحداث والأغاني التي رافقت نضال النساء في أمريكا من أجل الحصول على حقوقهن، وتقدم عددا كبيرا من الصور والمقاطع الأرشيفية النادرة، إلى جانب المقابلات مع بعض أعظم الموسيقيين والصحفيين والمؤرخين الذين عايشوا تلك الأحداث.

فقد كانت هناك مخاوف من وجود روابط وجمعيات تهتم بحقوق المرأة، حتى أن بعض السياسيين قد أعلن أنه سيترشح للرئاسة الأمريكية حتى يتمكن من منع النساء من الترشح لهذا المنصب، وقال بعضهم إنه من الأفضل لهن وضعهن في أقفاص وزيارتهن.

لم يأخذ كثير من الرجال في ذلك الوقت المرأة على محمل الجد في الحياة العامة، وهذا ما دفع حركات مناصرة المرأة للمطالبة بالمساواة، وقد قالت لاعبة التنس “بيلي جين كينغ” في مقابلة تلفزيونية عام 1973: إن الحركة النسوية ليست مهمة للنساء فقط، بل إنها تحسن من حياة الكثيرين.

مباراة التنس التي جمعت بين بطل وبطلة سنة 1973، وفازت فيها الأنثى، فكانت أول شرارات ظهور الحركة النسوية

 

مباراة التنس.. من سيمسح أرضية ملعب أسترودوم؟

في نفس العام أعلن عن معركة الجنسين الكلاسيكية في التنس بين المحترفة “بيلي جين كينغ” والبطل المصنف الأول عالميا “بوبي ريغز”، في مدينة هيوستن وكان مقدار الجائزة مئة ألف دولار، وكان الأمر أكبر من كونه مباراة. تقول إيمي باس الأستاذة في جامعة نيوروتشيل: كان “بوبي” متحيزا ضد المرأة، وقد استغلت “بيلي” المباراة بالدفع بقوة نحو أفكار المساواة في الحياة المهنية.

بقي الناس تحدثون عن المباراة لمدة شهرين، وبدأوا يفكرون عن علاقتهم بالجنس الآخر، ووقتها قالت “بيلي” إنها ستمسح به أرضية ملعب أسترودوم، وقال هو نفس الكلام، وكان قد تحدى في السابق أيضا “مارغريت كورت”، وهي لاعبة شهيرة وناجحة لكنها خسرت أمامه، وقد سببت خسارتها حرجا كبير للنساء، وربما كان ذلك حجة لمن يقول إن النساء ليس بوسعهن فعل شيء.

في 20 سبتمبر 1973 أقيمت المباراة، وتصف أجواءها الكاتبة “سوزان دوغلاس” قائلة: دخلت “بيلي جين كينغ” على كرسي يحمله رجال وسيمون عراة الصدور، ودخل هو على عربة تجرها نساء شبه عاريات، وكأن المباراة تقام في لاس فيغاس.

 

“أنا امرأة”.. أهازيج الانتصار النسائي الملهم

كان على “بيلي” أن تفوز، وكان عليها ضغط نفسي هائل، وكانت الناشطات في الدفاع عن حقوق المرأة يأملن فوزها. تقول الناشطة والكاتبة “روبين مورغان”: ما كان ينبغي تحميل المباراة كل هذا القدر، لكن الشعارات والتلميحات في وسائل الإعلام أكسبتها هذا الزخم، فقد كان هناك 50 مليون امرأة تسمرن أمام التلفاز. وفعلا تمكنت “بيلي” من الفوز في المباراة وهزمت خصمها الذي قال لها وهو يعانقها: لم أقدرك حق قدرك.

تقول الكاتبة “كيت كلينتون”: كنت أشجع “بيلي” بشدة، وكان الأمر رائعا، وبقدر ما كان جنونيا وسخيفا وجدنا لحظة نسعد بها بقوة، حينها برزت أغنية “أنا امرأة” (I Am Woman).

كانت “هيلين ريدي” فاعلة في الحركة النسوية، وكانت تبحث عن أغان تعكس التغيير من وجهة نظرها، وكانت تردد في ذهنها كلمات مثل “أنا قوية، وأنا لا أقهر، أنا امرأة “، وكانت تلك البداية.

تقول الموسيقية “ميليسا إيثريدج”: كنت أسمع “هيلين ريدي” وهي تغني “أنا امرأة، اسمعوا صوت زئيري، أنا حكيمة، لكن حكمتي نابعة من آلمي”، كان صوتها الرائع يعبر عن الحركة النسوية، ومع هزيمة “بيلي” لـ”بوبي” تشكل مصدر إلهام لنا.

كتاب “الغموض الأنثوي” لبيتي فريدمان أثار جدلا واسعا داخل العائلة الأمريكية وأحد أسباب بداية تفككها

 

“أنت لا تمتلكني”.. أغنية التحدي والإلهام والقوة

أصدرت “بيتي فريدان” عام 1964 كتاب “الغموض الأنثوي” الذي أثار جدلا واسعا، وكان الأكثر مبيعا، وقالت في مقابلة لها إن أمريكا تعتمد كثيرا على البيت والأسرة من أجل الهوية والمعنى والهدف، وتضيف: لقد دفعوا المرأة اليوم لتشعر بالفزع والوحدة والذنب، لمجرد رغبتها بأن تكون أكثر من مجرد زوجة.

أحدث كتاب “الغموض الأنثوي” الذي قرأه الملايين من النساء والرجال تغيرا هائلا، وبدأ يظهر جيل من النساء يقول مهلا هذا ليس عدلا، وأصبحت للمراهقات خيارات غير مطروحة من قبل، هل يتزوجن صغيرات أم لا؟ وبحثت النساء عن الحرية.

في عام 1972 أصدرت المغنية “ليزلي غور” أغنية “أنت لا تملكني” (You Don’t Own Me) التي اتسمت بالتحدي، وتقول كلماتها:

لا تُملِ علي ما أفعل
و لا ما أقول
ولا تعتبرني أداة للتباهي

تقول “سوزان دوغلاس”: عبرت الأغنية عن إحساس الفتيات وكيف يصبحن مستقلات، وهي واحدة من أولى الأغاني التي اتسمت بالتحدي والدعوة إلى امتلاك المرأة زمام أمور حياتها، كانت الأغنية مصدرا للقوة.

وتعلق الكاتبة “غلوريا ستاينم” بقولها: إن كل حركات العدالة الاجتماعية بدأت بأعداد قليلة من الناس يتشاركون تجاربهم، وإذا ما اتحدنا يحدث التغيير.

 

“احترام”.. أغنية بمثابة النشيد الوطني للمرأة

بدأت حركات الحقوق المدنية والحركة المناهضة للحرب والحركة النسائية بالدعوة لمشاركة المرأة بشكل أكبر في الفعاليات السياسية والتصويت في الانتخابات، وتساءل النسوة هل عليهن إعداد القهوة بينما يقوم الرجال بإلقاء الخطابات وصناعة السياسات؟

تقول “روبين مورغان”: كنا ننظم مظاهرات واحتجاجات لكثير من القضايا التي كان الرجال يخبروننا أنها مهمة، لذا كان الأمر كبيرا هذه المرة، سنقوم من أجلنا نحن! كانت مسابقة جمال أمريكا بمثابة الهدف المثالي.

جهّزت حافلات مليئة بالنساء للذهاب إلى أتلانتيك سيتي والتظاهر هناك خلال المسابقة، ورفعت لافتة مكتوب عليها: أيمكن لمستحضرات التجميل إخفاء الجروح الناتجة عن قمعنا؟ كان لدى المتظاهرات حاوية قمامة كن يلقين بها بأي رمز من رموز قمع المرأة، كانت المظاهرات فرصة للنساء للتفكير بشكل مختلف، وطالبن بالاحترام.

في ذلك الوقت غنت الفنانة “أريثا فرانكلين” في عام 1967 أغنيتها الشهيرة “احترام” (Respect)، وتبنتها المسيرات النسائية كشعار لها، وتقول كلماتها: “احترمني كامرأة”.

كانت الأغنية بمثابة عريضة مطالب، وكل هذه المشاعر كانت سياسية بالنسبة للحركة النسوية، وصارت الأغنية بمثابة النشيد الوطني لهن.

إضراب الحركة النسوية عام 1970 في الذكرى الخمسين للتعديل الدستوري الأمريكي

 

الحركة النسوية

قامت حركة النساء في 26 أغسطس/ آب من عام 1970 بعمل إضراب في الذكرى الخمسين للتعديل الدستوري الذي يسمح للمرأة بالانتخاب، وكانت المطالب بمساواة المرأة في الوظائف، وتصدرت أخبار الحركة النسوية وسائل الإعلام، وعلمت ملايين النساء بذلك، وقد نظمت مظاهرات حاشدة في شيكاغو وبوسطن وواشنطن. تقول كاتبة الموسيقى “آن باورز”: كانت الحركة النسوية سياسية، ولكن لا يمكن التقليل من تأثير مواد موانع الحمل على مقدار تحرر المرأة وقدرتها على ممارسة الجنس دون الخوف من الحمل.

فقد نجحت النسوة عبر تاريخ طويل من النضال في تغيير طبيعة الزواج وبيئة العمل، وباتت لديهن القدرة على تأجيل الإنجاب، وقد توجهت ملايين النساء إلى الأطباء لطلب حبوب منع الحمل.

في عام 1975 غنت الفنانة “لوريتا لين” أغنيتها “حبوب منع الحمل” (The Pill)، وفي تلك الأغنية واجهت زوجها ولم تسانده، وعبرت عن أن من حقها أن تكون ما تشاء، وتحدثت عن التكنولوجيا الثورية التي ستجعل ذلك ممكنا. تقول “آن باورز”: لن تنسى النساء كيف كانت حياتهن قبل حبوب منع الحمل، وخاصة المتزوجات.

كانت “لوريتا لين” أما لستة أطفال، وكانت أغنيتها من واقع تجربتها، تقول الموسيقية “تشيلي رايت”: كانت أغنيتها لسان حال كل ربة منزل في أمريكا، منع بث الأغنية في الإذاعة، وأثار ذلك قلق الكثيرين، فقد كانت الأغنية قوية.

أغنية ليدي مارماليد “هلا كنت معي الليلة” رسالة قوية لحرية النساء

 

“هلا نمت معي الليلة؟”.. أغنية طافحة بالجموح الجنسي

صنعت فرقة “لابيل” مفهوما جديدا لماهية فرق النساء من حيث الموسيقى التي غنينها أو مظهرهن الخارجي. تقول “باتي لابيل”: كانت رسالتنا قوية، وكنا نغني عن حرية النساء والحديث عن حياتهن الجنسية، وكلمات أغنية “هلا نمت معي الليلة؟” (Voulez-Vous Coucher avec Moi Ce Soir) للمغنية “ليدي مارماليد”؛ وصلت للمركز الأول، لكنها كانت نشيدا وقحا.

وترى الأستاذة المشاركة بالاميشاه تيليت أن ما حدث في الفترة بين أغنية “رسبيكت” و”ليدي مارماليد” أن الحركة النسوية تحولت من التعبير عن الذات لتصبح عن تحكم النساء في قواعد الإنجاب وهويتهن الجنسية. تقول “ليندا غوردن”: أثارت الحركة النسوية هذا المستوى من الحدة والبهجة، لكن كان هناك استخفاف بشكل جذري بمدى قوة ردة الفعل.

وقتها قال السيناتور “جيننغز راندولف” من ولاية فرجينيا: إن النساء كائنات لطيفة حقا، لكن أسمع صوتا غريبا وحاد النغمة، أسمّي صاحبات ذلك الصوت بفقاعة الفقاعات.

لقبت حركة مناصرة المرأة بألقاب عدة، منها الغاضبات والمسترجلات الأمازونيات والسحاقيات الجامحات، لقد شكلت الحركة تهديدا للرجال، إذ طالبن بالسلطة والمساواة والسيطرة على أجسادهن وغدت إنجازات الحركة محفوفة بالأخطار.

في عام 1973، حكمت المحكمة العليا بشرعية الإجهاض، وقالت الأغلبية في قضايا من جورجيا وتكساس إن قرار الإجهاض في أول ثلاثة أشهر يكون في يد الأم والطبيب وليس الحكومة، ثم تبع ذلك تعديل أطلق عليه اسم “هايد” ينص على عدم تحمل الدولة تكاليف الإجهاض.

 

“من التاسعة إلى الخامسة”.. كوميديا سينمائية تعكس ظل المنظمة

كانت السنوات ما بين عامي 1975 و1985 نقطة تحول كبيرة للنساء بسبب الوضع الاقتصادي السيء، واضطرت النساء في آواخر السبعينيات للالتحاق بالعمل، ووصل عدد الموظفات في المكاتب إلى عشرين مليون، وكن يتقاضين الحد الأدنى من الأجور على الرغم من حصولهن على التعليم الجامعي.

تقول “كارين نوسبوم” المؤسسة المشاركة لمنظمة “من التاسعة للخامسة (5-9)”: لم تكن لدينا فرصة للترقيات، وتحدثت مع صديقاتي الموظفات وأسسنا هذه المنظمة، لم يكن الهدف رفع الوعي، بل إحداث التغيير.

في مرحلة قصيرة حققت المنظمة شهرة استثنائية، وأنتج فيلم كوميدي عنها باسم “التاسعة إلى الخامسة” (9 to 5)، وكانت الموظفات في الفيلم يتصدين للمدير السيء ومنظومة السلطة الذكورية، وفي واحد من المشاهد قمن بتقييده واختطافه.

كان الفيلم مأخوذا من المحادثات التي جرت مع الموظفات، وكانت “دولي بارتن” ممثلة بالفيلم، فقد مثلت دور المرأة العادية التي كان عليها إيجاد طريقها الخاص وطلب الاحترام من الرجال الذين استخفوا بها، وهي أيضا كاتبة الأغنية الرئيسية له، وتقول: بدأت بالكتابة، وأدركت الهدف الحقيقي من الفيلم، فأحببته أكثر.

تقول الموسيقية “تشيلي رايت”: كان إسهام الأغنية في الحركة النسوية ذكيا جدا، وكانت عبقرية. وتقول “آن باورز”: الموسيقى الشعبية ليست نضالا، ولكن حين تتغنى بها بأعلى صوتك في الشوارع سواء كانت “احترام” أو “من الخامسة إلى التاسعة” فهي تساهم في تعزيز قوتك.

أغنية “الحب ساحة معركة” جاءت إثباتا على قدرات النساء، حيث هزمت فيها المغنية “بات بيناتار” فتيان الروك آند رول

 

“الحب ساحة معركة”.. مغنية تهزم فتيان الروك أند رول

في فترة الثمانينيات أصاب الفتور الحركة النسوية، فقد كان هناك بعض التحول في الحكومة والثقافة، وأطيح بحركة حقوق المرأة، وكانت تهمش حقوق المدافعات عن حقوق المرأة ويصورن بأنهن غير جميلات ولا يتمتعن بخفة الظل وغاضبات وغير مرغوب فيهن.

تقول الممثلة والناشطة “ساندرا بيرنهارد”: أشعر أن الثمانينيات أصبحت حقبة ما بعد الحركة النسوية، من أمثالي من تشبعن بالقوة والفلسفة وفكر حقوق المرأة، من دون الحاجة للاستمرار في التحدث عنها.

في هذه الفترة أسس “أم تي في” فكرة المعادية للمرأة وطبيعة دورها، ونظر للمرأة من مفهوم ذكوري، وأنها شيء مادي وسلعة، وصورت على هذه الشاكلة في العالم كله، لكن ظهور نساء مثل “مادونا” و”سيندي لوبر” حاولن فرض سيطرتهن على طريقة إظهار المرأة. تقول “إيمي باس”: يمكن لهؤلاء المغنيات أن يكنّ مثيرات، لكن كنّ أيضا مدافعات عن حقوق المرأة.

في عام 1986 غنت “بات بيناتار” أغنيتها “الحب ساحة معركة” (Love Is A Battlefield)، وكانت “بات بيناتار” مهمة جدا، لأنها هزمت فتيان الروك أند رول في مجالهم، بل وأكثر، إذ كانت تروي قصص النساء على طريقة الروك أند رول، وكانت تأكيدا على قوة النساء كما تقول “آن باورز”.

تقول “بات بيناتار” عن هذه الأغنية: أردت إزالة كل القيود وأن تتحقق المساواة، لم يكن الرجال يعانون من أي قيود، وكان بوسعهم عمل أي شيء، ومنها الأمور الجنسية بشكل علني، أردت عكس طريقة التفكير، كنت أحاول إظهار النساء قويات ولا يقهرن، لكن كل يوم كان أحدهم يقول شيئا معاديا للنساء.

في عام 1991، اتهمت المحامية أنيتا هيل القاضي كلارنس توماس بالتحرش بها

 

“أنيتا هيل”.. قضية تحرش تشعل البلاد وتلهم النساء

أعلن في CNN الخبر الأكثر سخونة في العام 1991، إذ اتهمت المحامية “أنيتا هيل” القاضي “كلارنس توماس” المرشح لعضوية أعلى محكمة في الولايات المتحدة، بأنه تحرش بها جنسيا.

كانت الأنظار موجهة لمجلس الشيوخ الأمريكي الذي شكل لجنة خاصة للتحقيق، ورغم قوة شخصيتها ودفاعها عن نفسها بقوة، فإن “أنيتا” لم تستطع أن تثبت حادثة التحرش، وخسرت التصويت من قبل المجلس بواقع 48 مقابل 52.

لكنها تقدمت أمام محكمة يتألف كل أعضاءها من الرجال البيض، وشاهد الملايين واستمعوا لشهادتها، تقول “ليندا غوردن”: كانت شديدة الاعتزاز بنفسها، رغم أنها عوملت بعدم مبالاة من قبل ذلك الصنف من الرجال.

انتبهت النساء إلى حقيقة أن كل أعضاء مجلس الشيوخ من الرجال البيض، وفي العام 1992، ترشح عدد قياسي من النساء 108، وفازت أربع منهن، ووصفت الصحافة هذا العام بعام المرأة وكان سبب ترشحهن صورة “أنيتا هيل” أمام اللجنة القضائية. قالت “أنيتا” وقتها: آمل أن لا تصاب أي امرأة تعرضت للتحرش الجنسي بالإحباط بعد تجربتي، بل تجد القوة لتتحدث عن المشكلة.

أصبح بحث مسألة التحرش الجنسي في المناقشات العامة قضية قومية وقضية رأي عام، تقول الكاتبة “سارة ماركوس”: بالعودة إلى العام 1992 كان العام الذي انتفضت به الشابات ليقلن إن لديهن أمورا كثيرة لم يتطرق إليها في البرامج الانتخابية، كان هناك نضال في الحرم الجامعي، وأصبح لدى الفتيات وعي للتحرش الجنسي، وكان لديهن أمهات من حركة حقوق المرأة.

 

“الفتاة المتمردة”.. أغنية صنعت جيلا قويا ثائرا

ظهرت حركة “فتيات الشغب” (Riot Grrrl) بين فرق الروك في التسعينيات، وتناولت التمييز ضد المرأة الذي لم يكن معترفا به، وفضحته الفرقة من خلال موسيقى الروك القوية.

وغنت فرقة “بكيني كيل” أغنيتها “فتاة متمردة” (Rebel Girl). تقول “إيمي باس”: كانت فرقة مثل “بكيني كيل” في الحركة النسوية بشكل علني، وسبق أن عملت مغنية الفرقة “كاثلين هانا” في مركز للمعنفات أسريا في أولمبيا.

كانت “كاثلين” تدرك تفشي العنف ضد المرأة، وكانت سياسية أيضا، وقد أحب الناس موسيقاها قبل أن يعلموا مضمونها السياسي، وأغرمت الفتيات برؤية “كاثلين” على المسرح وطريقة غنائها وصراخها، كانت تغني عن قوة الفتيات وهذا ما أشعرهن بالقوة، ومن كلمات أغنيتها “الفتاة المتمردة”:

أيتها الفتاة المتمردة
أنت مليكة عالمي

تعلق “سارة ماركوس”: لكن هذه الفرقة “رايوت غيرل” كانت استقطابية، وكانت نابعة من موسيقى الفتاة البيضاء، ولم تخاطب ذوات البشرة السوداء.

ظهرت حركات تحرر للنساء السود في السبعينيات، لكن في التسعينيات كانت فكرة النسوية الأمريكية مرتبطة بالنساء البيض، وشعرت النساء من أصل أفريقي بالتهميش. ثم انتشرت موسيقى الهيب هوب، وظهرت أصوات قوية من النساء من ذوات أصول أفريقية، مثل “سولت آن بيبا” و”كوين لطيفة” لكي تعبر عن فخر النساء السود.

هيلاري كلينتون، أول امرأة في التاريخ تترشح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية

 

“هيلاري كلينتون”.. نسوية تقاتل على عرش العم سام

في انتخابات عام 2016، ترشحت “هيلاري كلينتون” لرئاسة الولايات المتحدة. تقول الموسيقية “أندرا داي”: كان ذلك أمرا مؤثرا ورائعا، فترشح امرأة عن الحزب الديمقراطي لأول مرة، ووضع اسمها امرأة كمرشحة للرئاسة على بطاقة الانتخابات، كان لحظة فارقة للنساء في تاريخ أمريكا.

تقول “روبين مورغان”: كانت “هيلاري” نسوية، وقالت ذلك بفخر، ولم يكن ذلك لأنها ستصبح أول رئيسة للبلد بعد 240 عاما، بل كانت واحدة منا ومن عائلتنا، كنا نستعد للشعور بالبهجة كالتي شعرنا بها مع “بيلي جين كينغ”، لكن يؤسفني أن ذلك لم يكن مقدرا.

وترى “سوزان دوغلاس” أن أحد الأشياء المحبطة هو التمييز ضد المرأة ومعاداتها، وقد ظهر ذلك واضحا في انتخابات 2016، “إن رؤية سيدة بذلك المستوى من الإنجازات تلوكها الألسن ويسخر منها، أمر محبط”.

لكن خسارة “هيلاري” جددت النضال. تقول “بيلي جين”: نتقدم أحيانا خطوتين ثم نتراجع، من المهم مواصلة التقدم وتصحيح مسار الأشياء.

أما الموسيقية “جودي غيرسون” فتقول: ستأتي رئيسة للولايات المتحدة، وستكون استثنائية قد تكون ابنتي أو ابنتكم.

أغنية “الزئير” 2013 للمغنية “كيتي بيري” اعتبرت أغنية نسوية على أكمل وجه

 

“زئير”.. أغنية تحرر المرأة الغاضبة

ولدت الحركة النسوية من جديد وظهر على الساحة عدد ممن ينادون بتمكين المرأة. تقول “روبين مورغان”: سواء “بيونسيه” أو “مادونا”، فهذا كله يغذي نوعا من الوعي.

كانت المغنية “كيتي بيري” صريحة بإدراكها لحقوق المرأة، واعتبرت أغنيتها “زئير” (Roar) نسوية على أكمل وجه. تقول “آن باورز”: لا شك أن كثيرا من الفتيات اعتبرن “كيتي بيري” مثلهن الأعلى، حيث تسمح الموسيقى الشعبية لمناقشة قضايا الجنس وهويتنا، والأهم أنها تجعلنا نتبنى التحرر منه، لكن تحرر النساء له نصيب الأسد.

أصبحت كلمة النسوية سائغة بعد كل هذه السنوات من النضال الذي قامت به مناصرات حقوق المرأة، وكان للموسيقى دور الريادة في إدارة دفة القيادة، ويبقي الطموح والأمل لدى النساء في تخطي العوائق والوصول إلى مجتمع أكثر عدلا يؤمن بهن وبقدراتهن.