تقادم المفاعلات النووية.. خطر الصلاحية المنتهية وضرورات الحاجة الملحة

مراد بابعا

تخضع جميع المفاعلات النووية حول العالم لصيانة دقيقة ودورية، وعلى رأسها تلك المخصصة للاستعمال السلمي لإنتاج الكهرباء، تفاديا لحصول أي تسرب إشعاعي قد تكون تأثيراته مدمرة للإنسان والطبيعة.

فهذه المفاعلات ليست مجرد منشآت خرسانية عادية، لأنها صممت لتكون أكثر قدرة على تحمل ظروف الضغط والحرارة القصوى. وقبل التفكير في إنشاء أي مفاعل نووي، يجب أولا استحضار الجانب المتعلق بالصيانة وأمد الحياة الذي لا يتجاوز في المتوسط 40 عاما، خصوصا أن الكلفة المالية لبناء محطة نووية تعتبر كبيرة نسبيا، وتقدر في المتوسط بـ10 مليارات دولار.

 

وقد أدى هذا الوضع في السنوات الأخيرة إلى تنامي التحذيرات في الدول الغربية، من وجود مفاعلات تجاوزت حدود عمرها الافتراضي، أو تقترب من ذلك، وينطوي الأمر على كثير من الأخطار، فقد أظهرت عدة تقارير في مجموعة من الدول وجود تشققات وتصدعات في بعض مفاعلاتها الرئيسية، خصوصا تلك التي اقتربت من نهاية صلاحيتها، وصدرت أوامر بإغلاقها الفوري.

كما قررت عدة دول من بينها فرنسا وألمانيا إخراج مجموعة من مفاعلاتها الرئيسية المتقادمة من الخدمة نهائيا، وأخرى بشكل مؤقت، وهو ما تسبب لها في إشكاليات طاقية، تزامنت مع أزمة الطاقة التي يعيشها العالم اليوم، وازدادت حدة في أوروبا مع اقتراب الشتاء، وتوقف تدفق الغاز الروسي، ضمن تداعيات الحرب الجارية في أوكرانيا.

فما هي إذن الأخطار التي ينطوي عليها تقادم المفاعلات النووية؟ وما هي الدول المعنية بهذه الإشكالية في الوقت الراهن؟ ولماذا تماطل بعض الدول في إغلاق مفاعلات تجاوزت عمرها الافتراضي؟ وما الذي أعاد الاهتمام بهذه المفاعلات لإنتاج الكهرباء في الفترة الأخيرة؟ وهل يجب فعلا التفكير في بدائل أخرى لا تطرح مشكلة الأمان والنفايات المشعة؟

أزمة التقادم.. قنبلة موقوتة في سن الأربعين

تعاني المفاعلات النووية في العالم من إشكالية التقادم، خصوصا تلك الموجودة بالدول النووية التقليدية التي اعتمدت على هذه التقنية لإنتاج الكهرباء منذ منتصف القرن الماضي، وكان الاتحاد السوفياتي السبّاق إلى الاستخدام السلمي للطاقة النووية في 1954، عبر مفاعل “أوبنينسك” الذي أصبح اليوم متحفا مفتوحا أمام الزوار بعد إخراجه من الخدمة عام 2002.

 

يعمل التفاعل النووي على تسخين الماء الذي يندفع على شكل بخار إلى التوربينات التي تولد الكهرباء

 

ووصل متوسط عمر المفاعلات النووية حول العالم مع منتصف سنة 2021 إلى 30.9 عاما، كما أحصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أكثر من 289 مفاعلا تجاوز عمرها الـ30 سنة، أي ما يمثل 66% من إجمالي القدرة التشغيلية للمفاعلات، كما أن 117 مفاعلا توفر حوالي 20% من القدرة التشغيلية النووية العالمية، دخلت الخدمة منذ أكثر من 40 عاما. ويؤشر هذا الوضع على تفاقم ظاهرة تقادم المفاعلات النووية التي بُني أغلبها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، لكن العمر الافتراضي المحدد لهذه المنشآت أصبح اليوم هاجسا حقيقا للدول التي تعتمد عليها لتوليد الطاقة الكهربائية.

وكشفت وكالة الطاقة الذرية عن وجود ما لا يقل عن 13 مفاعلا حول العالم ما زال قيد التشغيل منذ أكثر من 50 عاما، وهو ما ينطوي على مغامرة كبيرة، على اعتبار أن جل الدراسات اتفقت على تحديد عمر افتراضي لا يتجاوز 40 سنة بالنسبة للمفاعلات التقليدية، لكن دولا عدة اضطرت لخوض هذه المغامرة في السنوات الأخيرة، بسبب حاجاتها الملحة للطاقة، وسنت قوانين تسمح بالاستمرار بتشغيل محطاتها النووية القديمة رغم انتهاء “تاريخ صلاحيتها” المفترض.

 

ويعتبر خبراء أن هذه المفاعلات القديمة، أصبحت بمثابة قنابل موقوتة تهدد البشرية، فمحطات الطاقة النووية تخضع لقوانين الفيزياء، بسبب الضغط والحرارة المرتفعة، وتحتاج إلى الماء لتبريدها وضمان سلامتها، وأي خطأ بسيط قد يؤدي إلى كارثة. ينضاف إلى ذلك مشكل التخلص من النفايات المشعة، والتكلفة الباهظة لإزالة هذه المحطات النووية.

الكهرباء النووية.. تراجع مؤقت بسبب شيخوخة المفاعلات

دخل مستقبل توليد الكهرباء بالطاقة النووية نفقا مظلما منذ سنة 2010، بعد أن كانت هذه الطريقة توصف بالثورية أواخر القرن الماضي، وذلك مع ازدياد الشكوك بخصوص مصير هذه التقنية بعد كارثة “فوكوشيما” في اليابان، والضغوط الممارسة من دعاة حماية البيئة لإغلاق عدد من المفاعلات التي تشكل تهديدا بسبب تقادمها.

وسجلت مساهمة الطاقة النووية في المزيج العالمي من الكهرباء المنتجة انخفاضا بين 2011-2021، خصوصا في الدول الغربية، في مقابل تسجيل ارتفاع نسبي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا. ويقدر عدد المفاعلات النووية التي ما زالت تحت الخدمة حاليا بحوالي 440 مفاعلا في 32 بلدا، وتُنتج مجتمعة ما يعادل 10% من الكهرباء في العالم، بقدرة إجمالية تقدر بـ490 غيغاوات. ويوجد أكبر عدد من هذه المفاعلات في الولايات المتحدة، ويبلغ 96 مفاعلا.

 

ويتوقع خبراء الوكالة الدولية للطاقة النووية أن تتراجع هذه القدرة الإنتاجية، بسبب سرعة تقادم المفاعلات وإغلاقها، مقارنة بمستوى إنشاء محطات جديدة، ويرتقب بحسب الوكالة فقدان ما لا يقل عن 139 غيغاوات من هذه القدرة المنتجة خلال الفترة 2018-2030، وقد يستمر هذا النزيف أيضا ما بين 2030-2050، ليصل إلى 186 غيغاوات.

ورغم هذا التراجع لا يستبعد مراقبون عودة مستوى إنتاج الكهرباء النووية إلى الانتعاش، بالنظر إلى التوجه الحالي في عدد من الدول نحو إنشاء محطات جديدة قد تمتص العجز المرتقب. ومع نهاية سنة 2021 أظهرت بيانات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود 56 مفاعلا بقدرة تزيد عن 58 غيغاوات قيد التشييد في 19 بلدا، وعلى رأسها الصين.

عودة المحطات النووية.. أزمة الطاقة العالمية تفرض شروطها

أدت أزمة الطاقة العالمية التي اندلعت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، إلى عودة الاهتمام بإنشاء محطات الطاقة النووية حول العالم، والتسريع بإتمام المشاريع المتوقفة أو المتأخرة، كما دفعت بدول مثل اليابان إلى إعادة حساباتها، والعودة إلى بناء جيل جديد من المفاعلات، وإعادة تشغيل المنشآت التي عُطّلت. علما أن طوكيو قررت قبل 11 عاما الاستغناء تدريجيا عن الطاقة النووية بعد كارثة انصهار وقعت في ثلاثة مفاعلات بمحطة “فوكوشيما”.

محطة فوكوشيما التي شهدت كارثة نووية سنة 2011

 

وتتصدر الصين حاليا الدول التي يوجد بها أكبر عدد من المحطات قيد الإنشاء، وقدر عددها بـ21 مفاعلا حتى يوليو/تموز 2022، من بينها أول مفاعل معياري صغير تجاري في العالم، وقد تجاوزت قدرة بكين على توليد الكهرباء النووية قدرة فرنسا في سنة 2021، مما بوأها المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة.

وتأتي الهند في المركز الثاني بثمانية مفاعلات في طور البناء، ثم تركيا بأربعة مفاعلات، بينما تستعد كوريا الجنوبية لإطلاق ثلاثة مفاعلات بقدرة إنتاجية للكهرباء تقدر بـ4200 ميغاوات، وفي العالم العربي تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة حاليا على إكمال مفاعلين نوويين، لتصل بذلك نسبة طاقتها الكهربائية المنشأة نوويا إلى 25% من احتياجات البلاد.

وما زال نقاش العودة إلى الطاقة النووية محتدما في أوروبا بأسرها، فقد أفصحت فرنسا وبريطانيا وهولندا عن طموحاتها بهذا الصدد، وأعلنت عن استثمارات بمليارات الدولارات في أفق 2035-2050، وسط جدل حول إدراج الطاقة النووية في قائمة الأنشطة “الخضراء”، باعتبارها لا تتسبب مباشرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكن الموضوع ما زال يثير انقساما في الرأي العام، بسبب أخطار الحوادث الإشعاعية، والكلفة الباهظة لبناء مفاعلات جديدة.

فرنسا.. سيدة الطاقة النووية في أوروبا تستورد الكهرباء

عادت إشكالية تقادم المفاعلات النووية إلى واجهة الأحداث في أوروبا، وخصوصا في فرنسا وألمانيا اللتين تواجهان مصاعب جمة لتأمين إمدادات مستقرة من الطاقة.

وتعتبر فرنسا أكثر دول العالم اعتمادا على الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء بما يصل إلى حوالي 70% من مزيجها الكهربائي، ومكنها هذا الوضع طيلة سنوات من توفير طاقة رخيصة وخالية نسبيا من غاز ثاني أوكسيد الكربون، وحتى القيام بتصديرها إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي، لكنها تحولت في 2022 إلى دولة مستوردة، وخسرت موقعها كأول مصدر للكهرباء في أوروبا بسبب إغلاق مفاعلاتها المتقادمة.

 

وقد عانت باريس كثيرا بسبب شيخوخة محطاتها النووية التي كانت في الماضي مصدر فخرها، وأصبحت اليوم أمام تحد حقيقي نتيجة مشاكل كثيرة تعاني منها مفاعلاتها الـ58 التي تجاوز أغلبها 30 عاما. وقد بلغ عمر السلسلة الأولى من مفاعلات “بوجي-تريكاستين” نحو 40 عاما، وتتجه للسماح بتشغيلها عشر سنوات إضافية. بينما اضطرت لإغلاق مفاعلي “فيزنهايم” شرق البلاد عام 2021.

وزادت أزمة المناخ من حدة هذه المشاكل، بسبب حاجة جل هذه المفاعلات إلى مياه الأنهار لتبريدها، وهو ما لم يكن متوفرا في عدد من المناطق، إذ انخفض مستوى الأنهار أحيانا إلى 60%، بسبب موجة الحر والجفاف التي شهدتها فرنسا صيف العام 2022، مما أجبر الحكومة على إغلاق 12 محطة للطاقة النووية.

ألمانيا.. تباطؤ في آخر مراحل التصفية بسبب الحرب

دفعت التطورات المرتبطة بأزمة الطاقة العالمية ألمانيا إلى إعادة النظر في قرارها بتصفية محطاتها للطاقة النووية مع نهاية سنة 2022، ولم يُخفِ وزير المناخ الألماني “روبرت هابيك” -وهو من دعاة حماية البيئة- رغبته في تأجيل إغلاق المحطات الموجودة في البلاد في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا.

 

وتوجد في ألمانيا حاليا ثلاث محطات للطاقة النووية فقط، توفر 11 % من حاجة البلاد من الكهرباء، بعد أن أغلقت برلين 14 مفاعلا منذ كارثة “فوكوشيما” عام 2011. وكانت هذه المنشآت محط انتقادات واسعة من قبل حزب الخضر ومؤيديهم، إذ يعتبرون أن عبء التخلص من النفايات النووية يفوق أي منافع خاصة بتوليد الكهرباء، وما زالت الحكومة الألمانية الحالية تجاهد لإبقاء هذه المحطات الثلاث مشتغلة، رغم شدة الضغوط الممارسة عليها للوفاء بالتزاماتها وإغلاقها بحلول نهاية العام 2022.

ويرى خبراء الطاقة أن الإبقاء على هذه المحطات النووية المتقادمة، لن يفيد ألمانيا كثيرا في حربها الطاقية، وسيكون تأثير ذلك محدودا في تعويض الغاز الروسي، لأن الكهرباء لا يستخدم بصورة مباشرة للتدفئة مثل الغاز الذي تحول اليوم إلى أحد أكثر المواد طلبا في الأسواق.

ثورة المفاعلات الصغيرة.. مضمار السباق إلى المستقبل الآمن

ما زالت الطاقة النووية تراهن على جانبها الأخضر، باعتبارها أحد الحلول المتوفرة لإشكالية التغيرات المناخية التي تهدد مستقبل الحياة على كوكب الأرض، فالمعروف أن الطاقة النووية اليوم هي ثاني أكبر مصدر للطاقة الخالية من الكربون بعد الطاقة الكهرومائي، وقد وضعت عدة دول أهدافها للوصول إلى الحياد الكربوني، اعتمادا على إنشاء محطات للطاقة النووية، وتتحدث الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن حاجة العالم إلى ما لا يقل عن 100 محطة نووية جديدة بحلول العام 2030.

سباق بناء مفاعلات نووية سلمية لأغراض الطاقة تتصدره الصين

 

وتصطدم هذه التوقعات والأهداف الطموحة بالتحديات المرتبطة بالمفاعلات التقليدية، سواء من حيث كلفة إنشائها، وصيانتها المرتفعة، ومدة صلاحيتها المحدودة، وضرورة توفر الماء الكافي لتبريدها. وقد تركزت الأبحاث في السنوات الأخيرة على معالجة هذه

 

الإشكاليات، وخفض كلفة الطاقة النووية ما أمكن، بعد التراجع الكبير الذي شهدته تكلفة طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وحولت الطاقة النووية إلى بديل غير تنافسي.

وقد أنفقت الحكومات والشركات العاملة في المجال ملايين الدولارات، من أجل تمويل أبحاث تطوير مفاعلات صغيرة تنتج ما بين 10 إلى 300 ميغاوات من الكهرباء، بحيث تكون أقل كلفة، ويمكن تشييدها في وقت وجيز، وغير معرضة لخطر الانصهار مثل المفاعلات التقليدية، ويوجد حاليا أكثر من 70 مفاعلا نمطيا صغيرا حول العالم في مختلف مراحل التطوير بحسب آخر أرقام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويمكن أن يفتح الباب أيضا أمام ولوج الدول النامية إلى الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء.

 

وقامت روسيا في 2019 بربط أول مفاعل نمطي صغير متقدم في العالم بالشبكة قبالة ساحل القطب الشمالي، وبدأت في تشغليه التجاري في مايو/أيار 2020، كما تستعد الأرجنتين لتشغيل مفاعل صغير بقدرة 30 ميغاوات بعد أن وصلت فيه الأشغال إلى مراحل متقدمة، وكذلك الأمر بالنسبة لمفاعل آخر في الصين بقدرة 210 ميغاوات، وتشير وكالة الطاقة الذرية أيضا إلى وصول المفاعل النمطي الصغير التابع لشركة “نوسكيل باور” (NuScale Power) في الولايات المتحدة مرحلة متقدمة، إلى جانب مفاعلات أخرى مماثلة في كندا.

تشيرنوبل وفوكوشيما.. أسوأ كوارث المفاعلات على الإطلاق

لم تعرف البشرية حادثا نوويا أسوأ من ذلك الذي عرفته سنة 1986، في محطة تشيرنوبل شمال أوكرانيا التي كانت آنذاك جزءا من الاتحاد السوفياتي، وقد وقعت هذه الكارثة بعد انفجار المفاعل الرابع في المحطة بسبب اختبار روتيني أجري بشكل غير صحيح، مما تسبب في حريق استمر عشرة أيام، وفي إطلاق كمية كبيرة من التلوث الإشعاعي في الهواء، امتدت إلى الدول الأوروبية المجاورة. أما الحصيلة البشرية للحادث فظلت إلى اليوم غامضة، ما بين تقارير رسمية تفيد بمقتل 31 شخصا، وأخرى للأمم المتحدة تتحدث عن 9 آلاف قتيل، وآلاف آخرين توفوا بأمراض السرطان، وتعرض ما يزيد عن 8 ملايين شخص في بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا للإشعاع. كما تحولت بلدة بريبيات المجاورة لمحطة تشيرنوبل إلى مدينة أشباح، ولم يعد إليها السكان مطلقا إلى يومنا هذا.

 

وظل هذا الحادث المخيف جاثما على صدور الأوروبيين طيلة سنوات، وارتفع معه منسوب قلق السكان المقيمين بالقرب من المحطات النووية، وأصبح ذكر المفاعل النووي مرادفا لانفجار كارثي في عقول ملايين الأشخاص حول العالم.

وقد عادت هذه المخاوف بعد سنوات إلى الواجهة، حين وقعت كارثة محطة فوكوشيما في اليابان عام 2011، إذ أدت هزة أرضية عنيفة شمال شرق البلاد إلى أمواج مد عاتية (تسونامي) تسببت في إتلاف مولدات ضخ المياه التي تبرد المفاعلات المغلقة، مما نتج عنه ارتفاع كبير لدرجات الحرارة وانصهار قلب المفاعل ووقوع انفجارات وحرائق داخل المحطة، وانبعاث كميات كبيرة من المواد المشعة، بقيت أضرارها محدودة مقارنة بكارثة تشيرنوبل.

كما أحيت الحرب الروسية الأوكرانية هاجس الحوادث النووية بسبب احتلال القوات الروسية محطة زابوريجيا للطاقة النووية في مطلع آذار/مارس 2022، وتبادل موسكو وكييف الاتهامات بقصف موقع المحطة الأكبر في أوروبا.

ورغم كل الأخطار والتحديات، يرى خبراء الطاقة النووية حول العالم أن لا مفر اليوم من تجاوز إشكاليات تقادم المفاعلات وتحديات السلامة المرتبطة بها، وتطوير تقنيات جديدة أكثر أمانا وأقل كلفة، فهذه الطاقة تبقى نظيفة رغم تهديداتها البيئية المستمرة، وحجم النفايات النووية التي تفرزها. وتبقى أيضا أساسية لتحقيق الحياد الكربوني المنشود في أفق 2050، والحفاظ على ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية، كأحد الأهداف الرئيسية لاتفاق باريس للمناخ.