مفدي زكرياء.. شاعر الثورة الجزائرية

بارود من الكلمات لم ينقطع، أحال الجزائر أسطورة من اللهب في وجه فرنسا، جاء مُشْرِعا قلمه ملهما للثوار ومساعدا لهم حتى تحققت مطالبهم بالاستقلال.. تعرّف على الشاعر الجزائري مفدي زكرياء.

 

في مدينة بني يزقن التابعة لولاية غرداية جنوب العاصمة الجزائر ولد مفدي زكرياء عام 1908، واسمه الحقيقي زكريا بن سليمان بن الشيخ، أما مفدي فكان لقبا ناداه به صديقه ولصق به.

 

تتلمذ في الكتاتيب وحفظ القرآن الكريم وتأصلت لديه اللغة العربية، سافر بعدها في بعثة إلى تونس التي كانت محطة مهمة في حياته تشكل فيها وعيه السياسي.

 

تفتح ذهنه باكرا على مناهضة الاستعمار إذ نشأ في بيت عمه الشيخ صالح أحد رواد حركة التحرر في تونس والمغرب العربي، وفي عام 1925 نُشرت أول قصيدة له في الصحافة التونسية بعنوان “إلى الريفين” لدعم ثورة أهل الريف في المغرب.

 

انضم إلى حزب “نجم شمال أفريقيا” الذي أنشأه مصالي الحاج عام 1926، وغدا صوت الحزب، ثم نظم قصيدة بعد انضمامه بقيت تتردد في الجزائر حتى مطلع الخمسينيات، واعتبرت وقتها النشيد الوطني الأول للجزائر.

فِـدَاءُ الْجَزَائِـرِ رُوحِي وَمَـالِي .. أَلَا فِــي سَبِيـلِ الْحُرِّيَّـة
فَـلْيَحْـيَ حِـزْبُ الشَّعْبِ الْغَالِي .. وَنَجْـمُ شَمَــالِ إِفْرِيقِيَّـة

وَلْيَحْيَ جُنْدُ الاِسْتِقْلاَلِ .. مِثـَـالُ الْفـِـدَاءِ وَالْوَطَنِيَّـة
وَلْتَحْيَ الْجَزَائِـرُ مِثْلَ الْهِلاَلِ .. وَلْتَحْـيَ فِيهـَـا العَرَبيّة

 

تعرض للتضييق والتعذيب واعتقل مرتين من فرنسا، مرة عام 1937 بسبب نشاطه الحزبي وحكم عليه بالسجن عامين، وأخرى بين عامي 1956 و1959 بسبب نشاطه في الثورة الجزائرية.

 

مع انطلاق ثورة التحرير الجزائرية في نوفمبر/تشرين الثاني 1954 أجمع قادة جبهة التحرير على ضرورة وجود نشيد للثورة فاختاروا مفدي زكرياء لكتابته، فكانت قصيدة “قسما” التي أصبحت نشيدا وطنيا للجزائر حتى اليوم.

 

أصدر “مفدي زكرياء” عدة دواوين منها: “تحت ظلال الزيتون” و”اللهب المقدس” و”من وحي الأطلس”، وله العديد من الدواوين التي لم تنشر، وفي عام 1972 نظم “إلياذة الجزائر” وهي قصيدة من 1000 بيت تحكي تاريخه الجزائر كله.

 

توفي يوم 17 أغسطس/آب 1977 بتونس ونقل جثمانه إلى الجزائر ودفن بمسقط رأسه في بني يزقن بغرداية.