مونديال 2006.. خيبة سعودية أخرى وتونس تقترب من الدور الثاني

خاص-الوثائقية

كانت المغرب أول دولة تتقدم بعرض لتنظيم كأس العالم، لتكون أول دولة عربية –حتى وقتها- تسعى للفوز بشرف استضافة البطولة الـ18 وتتنافس مع عدة دول على هذا الحق.

لكن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” أسند تنظيم مونديال 2006 إلى ألمانيا، وهي المرة الثانية في تاريخها. والعزاء الوحيد لعدم فوز المغرب بهذا الاستحقاق، أن ألمانيا تنظم البطولة بطابع خاص مستوحى من الروح الألمانية التي تتميز بالصرامة والانضباط والاهتمام الفائق بأدق التفاصيل.

وحتى تاريخه كان المنتخب الألماني أكثر المنتخبات التي تقابل فرقا عربية في تاريخ المونديال حتى انطلاق نسخة 2006، إذ جرت 6 لقاءات بين منتخبات عربية وألمانيا منذ أن بدأ الظهور العربي في المونديال وحتى قبل انطلاق مونديال 2006، والمحصلة العربية فوز واحد وتعادل واحد و4 هزائم.

 

وها هي الفرصة تلوح أمام المنتخبات العربية لتحقيق شيء ما في أرض منتخب دفع الجماهير العربية للنوم ليال كثيرة وهي حزينة. فتاريخ العرب مع بطولة كأس العالم بدأ منذ أخذت تلك الفكرة طريقها إلى حيز التنفيذ وشاركت 8 منتخبات عربية في بطولات المونديال المتتالية، وهذا ما تتحدث عنه سلسلة وثائقية حملت عنوان “العرب في كأس العالم” من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية، ونتطرق في هذا الفيلم الوثائقي إلى مشاركة منتخبي السعودية وتونس في مونديال 2006 بألمانيا.

التصفيات الآسيوية.. السعودية وحدها إلى النهائيات

في التصفيات الآسيوية كالعادة، تصل المنتخبات العربية إلى المراحل النهائية، ولكنها للمرة الرابعة تواليا تتأهل السعودية فقط إلى النهائيات كممثل لعرب آسيا.

ويأتي تأهل “الأخضر” السعودي عن جدارة بعد أن تصدر مجموعته الأولى في التصفيات متفوقا على منتخب كوريا الجنوبية القوي الذي احتل المركز الثاني.

وبات الأمل منصبّا على أن يكرر التأهل الرابع سيرة التأهل الأول الذي عبَر فيه السعوديون إلى الدور الثاني، ويومها أوقعت القرعة المنتخبين العربيين السعودي والمغربي في مجموعة واحدة.

التصفيات الأفريقية.. تونس تحمل أحلام عرب أفريقيا

في التصفيات الأفريقية، كان اللقاء الأخير في المجموعة الخامسة بين تونس والمغرب حاسما في وصول أحد المنتخبين إلى النهائيات كممثل عربي أفريقي وحيد في المونديال الألماني، بعد أن فشلت باقي المنتخبات العربية في فعل شيء يذكر في مجموعاتها.

وتعادل المنتخبان في تلك المباراة، ليصعد منتخب تونس إلى نهائيات المونديال الألماني.

الفريق التونسي في مونديال ألمانيا 2006 كان يأمل أن يفوز بجدارة

 

وتضع القرعة الآمال العربية في خانة الطموح المشروع، إذ وقع المتأهلان السعودي والتونسي في المجموعة ذاتها، تماما كما حصل مع المغرب والسعودية في مونديال أميركا 1994 حين تأهلت السعودية للدور الثاني مستفيدة من فوزها على المغرب.

وبات السؤال المطروح: هل تكرر السعودية فوزها في المواجهة العربية، أم يكون التأهل في هذه النسخة لصالح تونس لأول مرة في مشاركتها الرابعة بالمونديال؟

ويتشارك المنتخبان العربيان المجموعة مع إسبانيا التي اعتادت التأهل لثُمن النهائي في الدورات السابقة، إضافة إلى أوكرانيا التي تتأهل للمرة الأولى بعد أن استقلت عن الاتحاد السوفياتي.

ديربي عربي.. تعادل يخلط الأوراق في المجموعة

ونظرة سريعة إلى هذه المجموعة، أعطت الأمل بأن يصعد منها منتخب عربي إلى الدور الثاني بصحبة إسبانيا.

وعن هذا الأمل يقول المؤرخ الرياضي عبد الباقي مسعود: هذه المجموعة كانت أفضل فرصة للتونسيين للمرور إلى الدور الثاني، وذلك رغم وجود إسبانيا في المجموعة، إلى جانب أوكرانيا التي كانت تضم لاعبا واحدا هو تشفتشينكو والباقي كانوا لاعبين عاديين، والسعودية التي كنا ننظر إليها بكثير من الغرور لأننا كنا نعتبر أن الفضل يعود لنا في تقدم كرة القدم السعودية.

وكانت المباراة الأولى لمنتخبي تونس والسعودية مواجهة عربية خالصة، ووصفها اللاعب حسان القابسي لاعب منتخب تونس 2006 بأنه “ديربي عربي” لا يتكرر كثيرا في البطولة الدولية، وكان علينا الفوز به.

الهدف التونسي الأول في مباراة التعادل بين السعودية وتونس في مونديال 2006

 

أما زميله أنيس العياري، فيرى أنه “كنا نظن أن النقاط الثلاث مضمونة، ولهذا لعبنا باستخفاف ولم نأخذ الأمور بجدية، وأننا أفضل من المنتخب السعودي على جميع المستويات، ولهذا كان يجب أن نفوز بالنقاط الثلاث التي كانت تساعدنا على العبور لثمن النهائي”.وسيطر منتخب تونس على الشوط الأول وترجم أفضليته بهدف نظيف أنهى به الشوط الأول، ولكن السعوديين عادوا في الشوط الثاني وفرضوا التوازن على المباراة وسجلوا هدفين متتاليين. وقبل انتهاء المباراة بخمس دقائق سجل منتخب “نسور قرطاج” هدف التعادل الذي لا يفيد الطرفين.

يؤكد المؤرخ عبد الباقي بن مسعود: “تعاملنا مع مباراة السعودية بكثير من الفوقية، وهذا هو سبب التعادل لأن منتخبنا أفضل وكنا قادرين على تخطي السعودية بكل سهولة، ولكن الواقع أننا كنا قريبين حتى من الخسارة”.

بدوره يكشف اللاعب حسان القابسي، أن الفريق كان “سعيدا بعد إطلاق الحكم لصافرته، لأننا كنا نجري خلف النتيجة، ولولا هدف راضي الجعيدي في آخر دقائق المباراة لكنا خسرنا، وكان الأهم أننا انتزعنا النقطة”.

والآن، بات على الفريقين العربيين خوض المباراتين المتبقيتين لهما ضد المنتخبين الأوروبيين بشعار “لا بديل عن الفوز”.

السعودية وأوكرانيا.. خسارة ثقيلة أمام الفريق الأضعف

خاض منتخب السعودية مباراته الثانية في البطولة ضد أوكرانيا؛ الفريق الأضعف الذي خسر مباراته الأولى ضد إسبانيا بأربعة أهداف نظيفة.

وخسارة أوكرانيا الكبيرة أمام إسبانيا، جعلت إمكانية فوز السعودية كبيرة لتنعش الآمال من جديد، غير أن الواقع كان مريرا.

السعودية تخسر أمام إسبانيا في مونديال ألمانيا 2006 بأربعة أهداف نظيفة

 

فقد تلقت شباك “الأخضر” هدفا مبكرا أعاد للأذهان الهزيمة الثقيلة أمام ألمانيا في مونديال 2002، خاصة وأن الفريق الأوكراني سيطر على الشوط الأول طولا وعرضا، وأنهاه بهدفين دون رد، لتصبح العودة في المباراة صعبة على لاعبي منتخب السعودية.

وفي الشوط الثاني باتت العودة مستحيلة بعد أن تقدم منتخب أوكرانيا برباعية نظيفة هي النتيجة التي انتهت عليها المباراة في هزيمة ثقيلة ثانية للسعودية في نسختين متتاليتين.

وأنهت هذه النتيجة الكبيرة أمام الفريق الأضعف في المجموعة؛ أي أمل للأخضر بالتأهل إلى ثمن النهائي، لأن المباراة القادمة أمام منتخب إسبانيا والخسارة شبه مضمونه.

تونس وإسبانيا.. المفاجأة كانت قريبة ولكن!

وقبل مواجهة السعودية وإسبانيا، سيخوض منتخب تونس هذه المواجهة النارية في الجولة الثانية. وهي مواجهة بمثابة حجر عثرة، فإذا استطاع منتخب “نسور قرطاج” تحقيق المفاجأة، فهذا يعني أنه سيضمن تأهله إلى ثمن النهائي.

سجلت تونس الهدف الأول في المباراة وجعل حلم التأهل يلوح بقوة، ولكن لتحقيق هذا الحلم يجب الحفاظ على النتيجة، ولهذا قدم التونسيون أداء جيدا في الشوط وحافظوا على تقدمهم فيه.

هدف تونس الوحيد في مرمى إسبانيا في مونديال ألمانيا 2006

 

يستمر المردود التونسي على ذات القوة في الشوط الثاني، ويبدو أن اللاعبين عقدوا العزم على تحقيق مفاجأة عربية جديدة تجعل تأهلهم إلى الدور الثاني في مشاركتهم الرابعة في المونديال، قاب قوسين.

ويشرح المدرب رضا الجدي أن منتخب تونس وصل في مباراة إسبانيا إلى قمة العطاء على المستويات البدنية والفنية والتكتيكية، وقدم 71 دقيقة هي من الأفضل في تاريخ المنتخب.

وتابع أن إخراج رياض البوعزيزي -الذي قدم مجهودا كبيرا دفاعيا وهجوميا- من الملعب، وإشراك مدرب منتخب إسبانيا مهاجمين؛ أعطيا الحيوية للفريق الإسباني الذي استلم زمام الأمور في الدقائق الأخيرة من المباراة وقلب النتيجة وحقق ثلاثة أهداف متتالية.

رغم الخسارة.. أداء تونسي مميز وآمال سعودية تضيع

رغم الخسارة، فإن الأداء التونسي المميز في المباراة لا يفتح باب الأمل فقط لتأهل تونس من بوابة أوكرانيا في المرحلة الأخيرة، بل وإمكانية صحوة سعودية أمام منتخب إٍسبانيا القوي تبعث الأمل من جديد ولو بنسبة ضئيلة جدا.

ويحتاج المنتخب السعودي للفوز على إسبانيا بعدد وافر من الأهداف تجعله يتجاوز الهزيمة الأوكرانية الثقيلة. والميزة التي يحظى بها السعوديون أن الإسبان يخوضون المباراة بالبدلاء بعد ضمانهم التأهل لثمن النهائي.

تسديدة ما قبل الهدف الإسباني الذي أقصى السعودية عن تصفيات مونديال 2006 في ألمانيا

 

ينتهي الشوط الأول بتأخر السعودية بهدف وحيد، ومرة أخرى لا يُظهر اللاعبون السعوديون في مشاركتهم الرابعة على التوالي في المونديال حماسة كبيرة من أجل اقتناص فرصة تاريخية لمضاهاة إنجاز مشاركتهم الأولى.

تنتهي المباراة بفوز الإسبان بالهدف اليتيم الذين سجلوه في الشوط الأول، لتخرج السعودية من المونديال بهدفين ونقطة وحيدة فازت بها بالتعادل ضد منتخب تونس.

تونس.. على موعد مع التاريخ

تخوض تونس مباراتها الثالثة في موقف أقوى من السعودية، لأنها تواجه أوكرانيا المنافس المباشر على البطاقة الثانية التي تُؤهل صاحبها لمرافقة إسبانيا إلى دور الكبار.

ولدى الأوكرانيين فرصتان، فالفوز أو التعادل يصعد بهم إلى ثمن النهائي، بينما تونس عليها الفوز لتتأهل.

ويصف المدرب رضا الجدي المباراة ضد أوكرانيا بأنها “مواجهة حياة أو موت، لأنها مباراة العبور للدور الثاني”.

الهدف الأوكراني الوحيد في مرمى تونس في مونديال 2006 والذي أقصى الأخيرة عن المونديال

 

ويرى أنيس العياري لاعب منتخب تونس في مونديال 2006، أن “الأمل كان موجودا وكنا قريبين من تحقيق الفوز لأننا تحضّرنا بشكل جيد لهذه المباراة، ولكن طرد زياد الجزيري كان منعطفا في المباراة وهي التي بعثرت أوراق المباراة”.

وتابع أن “المنتخب الأوكراني لم يكن أفضل منا، وحتى ضربة الجزاء التي احتُسبت ضدنا لم تكن واضحة”.

تصعب المهمة التونسية بعد حالة الطرد المثيرة للجدل، وبات على اللاعبين التونسيين مضاعفة الجهد في 45 دقيقة باقية، فربما يكون منتخب تونس على موعد مع التاريخ كثالث منتخب عربي يتأهل لثمن النهائي.

إقصاء مر.. خروج غير مستحق

ويؤكد المدرب رضا الجدي، أن هدف الانتصار الذي سجله الأوكراني تشفتشينكو جاء من ركلة جزاء غير صحيحة. وأضاف أن قائد منتخب أوكرانيا “مثّل بذكاء وسقط في منطقة الجزاء دون أن يلمسه أحد، واستخدم خبرته الطويلة ونجح في إيهام الحكم بأنها ركلة جزاء”.

يعتقد بعض المحللين بأن كابتن أوكرانيا تصنع العرقلة ليكسب ضربة جزاء وقد نجح

 

الخسارة دائما مؤلمة، ولكن عندما تأتي بفعل فاعل تكون أكثر إيلاما، ليخسر التونسيون ومعهم العرب فرصة قريبة ومستحقة للتأهل إلى الدور التالي.

فمنتخب تونس لم يذق طعم العبور إلى الدور الثاني في 4 مشاركات في كأس العالم، ولكن طعم الخروج من دور المجموعات في مونديال 2006، شديد المرارة في الحلوق، خاصة وأن التأهل كان قاب قوسين أو أدنى.